[شهداء فلسطين أعدادهم قليلة بالنسبة لمقاييس تغيير الأمم]
تعليق ثالث على بذل الدماء في فلسطين: كم من الشهداء سقط حتى الآن في أرض فلسطين؟ سبعمائة شهيد ثمانمائة شهيد ألف شهيد، فهذه يا إخوة أرقام لا تمثل شيء في مقاييس تغيير الأمم، وعلى سبيل المثال لا الحصر في مذبحة صبرا وشاتيلا قتل من المسلمين الفلسطينيين أكثر من ثلاثة آلاف في يوم واحد، وثورة سنة ١٩٣٧م -كما سيأتي تفصيلها إن شاء الله في الحديث عن تاريخ فلسطين- استشهد فيها من أهل فلسطين ١٢ ألف مسلم ولم يحن الوقت، الطريق طويل، ١٢ ألف مسلم في سنة ١٩٣٧م قد لا نعلم عنهم شيئاً، لكن الله يعلمهم.
مليون شهيد بذلوا في الجزائر لتحرر، ومليون شهيد بذلوا في أفغانستان لتحرر من روسيا كما تعلمون، ثم انظروا كم من القتلى يموتون دون هدف، مائة ألف قتلوا في زلزال الهند المدمر، ثمانون ألفاً من المدنيين قتلوا في هيروشيما على يد الأمريكان كما تعلمون في سنة ١٩٤٥م وبعدها بثلاثة أيام قتل ثمانون ألفاً من المدنيين، في مدينة ناجازاكي، مع أن إمبراطور اليابان كان قد اتخذ قرار للاستسلام قبل ضرب أمريكا اليابان بهذه القنابل، كما أن اليابان لما ضربت أمريكا لم تضرب إلا أهدافاً عسكرية، كذلك مائتان وخمسون ألف مدني ولاجئ في مدينة برزبن تم حرقهم بقنابل فسفورية في ليلة واحدة في يوم ١٣ فبراير سنة ١٩٤٥م، وذلك بقصف الطائرات الأمريكية والإنجليزية المتحضرة.
مليونا شخص ماتوا في السودان من سنة ١٩٧٣م إلى سنة ٢٠٠١ نتيجة الحرب الأهلية والمجاعة والفيضانات، ٢٢ مليون قتيل بالإيدز، هذا غير ٣٧ مليون حامل للمرض، مع أن عمر الإيدز في الأرض لا يزيد على ٢٠ سنة، خمسة ملايين منهم ماتوا في العام السابق فقط، أمريكا قتلت ٢٠ مليوناً من الهنود الحمر؛ ليستوطنوا بعد ذلك في أمريكا هل تعرفون قدر ضحايا الحرب العالمية الثانية، وكانت حرباً بلا هدف نبيل، قتل في أقل تقدير في الحرب العالمية الثانية ٥٠ مليوناً من البشر، وبعض التقديرات تقول: قتل في الحرب العالمية الثانية ٦٥ مليوناً، وتعرفون طبعاً قضية نقل العبيد من أفريقيا إلى أمريكا التي قامت بها فرنسا وإنجلترا، وكانت لعملية النقل ضحايا ماتوا جراء هذا النقل، بلغ عددهم في أقل تقدير ١٠٠ مليون من البشر.
لذلك لما أرادوا إثارة هذه القضية في أحد المؤتمرات رفضت فرنسا وإنجلترا والدول الغربية وأمريكا أن يدفعوا تعويضات لمائة مليون، وهابوا أن يكشفوا عن هذه الفضائح أمام العالم المتحضر، والكلام هذا ليس قديماً، بل هو من مائة وخمسين سنة أو مائتي سنة، مع أن فرنسا تسمى بلد الحرية والمساواة والنور كما يتحدثون عنها، هي التي قامت مع إنجلترا بهذا القتل البشع لمائة مليون من البشر في أفريقيا، فهذه أرقام ضخمة جداً كما ذكرنا، ورقم ألف لا يعني شيئاً أبداً في تغيير الأمم، لكنهم جميعاً يموتون في غاية نبيلة في أرض فلسطين.