للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعامل اليهود مع أمريكا وتحالفهم معها]

إن اليهود ينظرون إلى كل هذه الأحداث المتلاحقة والمتسارعة، والتاريخ لا يجد وقتاً للتسجيل، فجلسوا مع إبليس يفكرون، مع من نعمل وإلى أي المعسكرات ننضم؟ الاتحاد السوفييتي وإن كان قوياً وله مستقبل على الساحة العالمية إلا أن اليهود يعلمون نظمه وقوانينه، فهم الذين ابتدعوها على يد إبليسهم كارل ماركس، وهم يعلمون أيضاً أن الشيوعية منهج، ولا تستقيم الحياة مع منهج يتعارض مع الفطرة، سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية العقائدية، فاليهود يتوقعون له سقوطاً بعد حين، وقد يكون الحين قريباً، واليهود لا يريدون أن يسندوا ظهورهم إلى بناء قد يتهالك، ثم ماذا يريد اليهود من الاتحاد السوفييتي أكثر من ذلك؟ فهم بالفعل يديرونه من وراء الستار.

أمريكا دولة واعدة على الساحة العالمية تتميز عن الاتحاد السوفييتي بأنها مفتوحة ومتحررة ورأسمالية، والمال اليهودي الغزير سيجد هناك أرضاً خصبة، هذه البلاد الرأسمالية تعبد المال، والمال مع اليهود، فستعبد أمريكا اليهود، وستكون أمريكا تابعاً لا متبوعاً، وستكون أمريكا أيضاً في حسابات اليهود أطول عمراً من الاتحاد السوفييتي؛ لأن فيها ديمقراطية والديمقراطية أكثر عدلاً من الشيوعية، وإن كان في كليهما أخطاء جسيمة.

إذاً: أمريكا اختيار مناسب، لكن تبقى مشكلة كبيرة، وهي إنجلترا ماذا يفعل اليهود معها، وهم يعلمون أنه لولا إنجلترا ما كان اليهود؟ إنجلترا هي التي ساعدت وأيدت ودبرت، هي التي زرعت اليهود في فلسطين، هي التي أسقطت الخلافة العثمانية، هي التي أمدت بالسلاح، هي التي درّبت في المعسكرات، اليهود يسبحون في عطايا إنجلترا، واذكروا كيف كان تيودور هرتزل وحيداً يطلب مستعمرة في القدس، والآن هم ستمائة ألف بعد أن وضعوا أيديهم في أيدي الإنجليز، ماذا يفعل اليهود مع إنجلترا؟ أتظنون أن اليهود يحفظون الجميل لإنجلترا؟ ما عهدنا ذلك في اليهود، اليهود لا يعرفون إلا المصلحة، اليهود باعوا اليهود إخوانهم وأبناءهم وعشيرتهم في أوروبا، باعوهم لـ هتلر في نظير مصلحتهم أفلا يبيعون إنجلترا؟ فلتذهب إنجلترا كما يقولون إلى الجحيم، ثم إن أمريكا هي وريثة إنجلترا وهي الامتداد الطبيعي لها، وبينهما روابط العرق والدين واللغة والفكر، ويبدو أن إنجلترا ستكون في المستقبل التابعة الذليلة لأمريكا، فلن تغضب إنجلترا كثيراً إذا استبدلت بسيدتها أمريكا.

أسرع اليهود وأداروا دفتهم إلى أمريكا، لقاءات ومفاوضات وتحالفات وقسم بالأيمان المغلظة بالوفاء المطلق والتعاون المستديم، وفي سرعة وخفة نقلوا مؤتمرهم السنوي الذي يُعقد في أوروبا -منذ سنة ١٨٩٧م- وللمرة الأولى في تاريخهم إلى نيويورك في سنة ١٩٤٢م يتزلّفون إلى الزعيم الجديد ومستقبلاً سيقودونه، أمريكا وجدتها فرصة جيدة جداً، فاليهود سيكونون الذراع الطولى لها في الشرق الأوسط، والدرع البشري الواقي في هذه المنطقة الملتهبة، وسيكون اليهود قاعدة متقدمة لأمريكا، ويبدو أنهم ولحداثتهم في القيادة لا يدركون أن من يربي الثعابين لا بد وأن يُلدغ منها، وستدور الأيام وسيركب اليهود على أكتاف أمريكا، يدلدلون أقدامهم، ويضعون أيديهم على أعين الأمريكان، ويسيرونهم أينما شاءوا وكيفما شاءوا، والأمريكان لا يعترضون، فهم قد فقدوا نعمة الإبصار، المهم أن المصالح تلاقت، وأُبرم العقد بين الطرفين وتصالحا على اغتيال فلسطين، وتصالحا أيضاً تصالحاً غير مُعلن على إلقاء بريطانيا جانباً، أو توضع في دار للمسنين فليس هناك متسع لها.

لاحظت هذا إنجلترا، لكنها غضت الطرف فالأيام دول، ومن الحكمة أن تتصرف بحجمها الجديد؛ لئلا تفقد سيداً من الأسياد قد لا يعوض.

اليهود ما اعتادوا على الرحمة وبدءوا يعاملون إنجلترا بصلف وغرور، فقد أسندوا ظهورهم إلى حائط جديد، واعترضت إنجلترا باستحياء، إذ قام اليهود بما لم يتخيله الإنجليز، قاموا بعدة اغتيالات للقيادات الإنجليزية في فلسطين، يعجّلون خروجهم بقتلهم سبحان الله!! أي خلق هؤلاء؟ طراز قبيح ما مر في التاريخ مثله، ولن يتكرر في التاريخ مثله، هؤلاء هم اليهود مع أصدقائهم، فكيف بهم مع أعدائهم؟ كان هذا هو موقف اليهود أيام الحرب العالمية الثانية، استفادوا أكبر استفادة ممكنة مع أن الناظر نظرة سطحية قد يشعر أنهم قد خسروا الضحايا في ألمانيا وأوروبا، لكنهم خرجوا من الحرب العالمية الثانية بكل ما سبق ذكره وألخصه فيما يلي: ١ - سلاح ضخم جداً ليس فقط سلاح العصابات، ولكن سلاح الدول.

٢ - أعداد كبيرة من المهاجرين.

٣ - تعاطف عالمي بعد تفخيم الهولوكست في ألمانيا.

٤ - فيلق في الأمم المتحدة تمهيداً للاعتراف بدولة إسرائيل.

٥ - خرجوا بأمريكا وأداروا ظهرهم لإنجلترا.

<<  <  ج: ص:  >  >>