أنا أتخيل شكل إسرائيل الكبرى عبارة عن دوائر، كل دائرة أوسع من الدائرة التي قبلها، فالدائرة الصغرى هي أرض فلسطين ذاتها، وهذه الدائرة قد استطاع اليهود أن يسيطروا على معظمها، وبقيت بعض المناطق في الضفة الغربية وفي غزة، وهم يسعون إلى احتلالها وضمها وقد فعلوا ذلك من قبل في سنة ١٩٦٧م.
والدائرة الثانية هي الدائرة المحيطة الأوسع، دائرة مصر والأردن وسوريا ولبنان، وهذه الدائرة قد حاولوا من قبل أن يدخلوها بالسلاح، ولكنهم فشلوا وخرجوا من مصر سنة ١٩٧٣م ثم بعد ذلك كانت المعاهدة، وإن كان هناك سلبيات كثيرة كما سيأتي في الحديث عن المعاهدة، وخرجوا أيضاً من لبنان سنة ٢٠٠٠م، ومن أجل تحقيق حدود هذه الدائرة من جديد بدأت إسرائيل في محاولة إنشاء علاقات طيبة في داخل هذه البلاد عن طريق أمريكا، وهم يحاولون بذلك القضاء على روح العداء لإسرائيل عند هذه الشعوب، فتصبح شعوباً صديقة، ومع مرور الوقت يحدث الأمان لإسرائيل، ثم يغدر اليهود كعادتهم ويهجمون حين لا يتوقع أحد الهجوم.
إذاً: هذه الدائرة التالية لأرض فلسطين وقد تضم إليها دولة السعودية، فهي أيضاً على علاقات طيبة مع أمريكا، والعلاقة طيبة جداً كما سيأتي بين أمريكا وإسرائيل، بل هي أكثر من أن تكون طيبة، فهناك أمور أخرى نؤجل الحديث عنها إلى محاضرة لاحقة.
الدائرة التي تتبع هذه الدائرة الملاصقة لدولة فلسطين هي دائرة تضم دولة العراق.
وشاهدنا ما حدث في العراق في حرب الخليج، كذلك هناك دائرة تضم دولة السودان، وهناك مساعدات ضخمة جداً لـ جون قرنق بجنوب السودان للسيطرة على هذه المنطقة، ومنع المد الإسلامي من النزول إلى وسط أفريقيا، أيضاً هذه الدائرة الواسعة تضم ليبيا وعليها حصار اقتصادي ضخم من أمريكا، تضم أيضاً هذه الدائرة تركيا في الشمال، وهناك علاقات قوية جداً بين إسرائيل وتركيا، يعني: هناك ثلاث دوائر تقريباً، دائرة صغيرة حولها دائرة أوسع ثم دائرة أوسع مطلقاً، وكل هذه الدوائر تعمل فيها إسرائيل، سواء عن طريق العساكر، أو عن طريق المفاوضات، أو عن طريق الضغوط والحصار، لكن المهم أن هناك نشاطاً مستمراً في كل بلد من هذه البلاد على مدار السنوات لتحقيق ما يسمى بإسرائيل الكبرى.
وأيضاً كل دولة موجودة في هذه المنطقة توقع على معاهدة لمنع نشر الأسلحة النووية أو الكيميائية أو البيولوجية أو أسلحة التدمير الشامل كما يقولون، إلا دولة إسرائيل لا توقع عليها، هكذا في منتهى الوضوح والصراحة، فإسرائيل تملك هذا السلاح ولا يتحرك أحد في العالم لأجل ذلك، أو لا تتحرك الأمم المتحدة المزعومة لإرغام إسرائيل كما أرغمت الآخرين على توقيع هذه المعاهدة، إذا كان هذا السلاح محرماً فعلاً على شعوب العالم فلا بد أيضاً من أن يحرم على دولة إسرائيل، لكن هذا لا يتم، وتوقيع الجميع على فقدان السلاح الأكبر في هذا الزمن وعدم توقيع اليهود فيه أيضاً إشارة إلى التفوق العسكري الملموس لهذه الدولة في هذا المحيط الواسع الذي سوف يصبح لاحقاً في ظنهم دولة إسرائيل الكبرى، ونسأل الله أن يخيب ظنونهم.