ثم إنه صلى الله عليه وسلم تجاوز سدرة المنتهى، وقد قال العلماء: إن سدرة المنتهى إليها ينتهي ما يعرج من الأرض، جاوزها صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، وهناك كلمه ربه وناجاه وقربه وأدناه، وفي تلك الرحلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على هيئته التي خلقه الله تعالى عليها، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[النجم:١٣] وقد أظهر النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج أدباً جماً، ولهذا قال الله:{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}[النجم:١٧] أي: أنه صلى الله عليه وسلم في تلك الرحلة المباركة لم يلتفت ميمنة ولا ميسرة؛ تأدباً مع ربه، حيث فرض الله عليه في ذلك الموضع الجليل والمكان العظيم الصلوات خمسين صلاة في اليوم والليلة، وفي أوبته قابل موسى، وكأن الله أراد أن يرحمنا بموسى، وأخبره موسى أنه بلى الناس قبله وأن أمته لا تطيق هذا، فما زال صلى الله عليه وسلم يُراجع ربه حتى استحيا، فاختصم عنده صلى الله عليه وسلم أمران: حياؤه من ربه، وشفقته على أمته، فاختار الحياء مع ربه وقال لأخيه موسى:(إنني استحييت من كثرة مراجعة ربي) فإذا بمناد: أن أمضيت فريضتي، وأنني كتبت لهم أجر خمسين صلاة؛ فهي خمس صلوات في اليوم والليلة بأجر خمسين صلاة؛ رحمة من الله وفضلاً علينا، وإكراماً لنبينا صلى الله عليه وسلم.