تعقب ذلك خصيصة لهم: وهو أن الأرض لا تأكل أجسادهم؛ لأن الله حرم -تحريم منع لا تحريم شرع- على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، قال عليه الصلاة والسلام يوصي أمته:(إذا كان يوم الجمعة أو ليلتها فأكثروا من الصلاة والسلام علي، قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك وقد أرمت، قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)، فهم عليهم الصلاة والسلام أجسادهم في الأرض وأرواحهم في أعلى عليين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
من هذا المجمل تفقه -أيها المبارك- أن هذه الخصائص لهم وحدهم، لكن ثمة أشياء اشتركوا فيها، وجعل الله جل وعلا لهم فيها حظاً ونصيباً، لكن لا يمنع أن يكون لغيرهم فيها حظ، مثل: أنه صلى الله عليه وسلم كما في الحديث يقول الصحابي: (كنا نجني الكباث -نوع من الثمر- فقال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه، قالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى الغنم)، لأن هذه الأمور لا يعرفها إلا رجل مارس الرعي، فقال صلى الله عليه وسلم:(وهل من نبي إلا وقد رعاها)، يعني: كل الأنبياء قبلي رعوا الغنم، لكن هذه وإن كانت صفة مشتركة في الأنبياء والرسل جميعاً، إلا أنها ليست مقصورة عليهم ولا محصورة فيهم، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل، فكم من الناس من رعى الغنم، لكن الله جل وعلا أراد برعي أنبيائه للغنم أن يتعلموا السكينة وكيف يسوسوا الناس، فإذا ساسوا الغنم وصبروا على نفور هذه ونفور أخرى قدروا بعد ذلك بتوفيق الله لهم أن يسوسوا الأمم، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته أن ترعى الأمم بعد أن كانت ترعى الشاء والغنم.
المقصود من هذا أن هذه بعض المزايا التي هي لأنبياء الله ورسله، ويمكن أن يشترك معهم فيها غيرهم.