نستفيد نحن من هذا كله أن أقدار الله غالبة، وأن الإنسان أحياناً يطلب شيئاً ويكون هلاكه فيما يطلبه، ولذلك يحسن بالمرء أن يستعين بالله في كل أمره، ومع ذلك أقدار الله غالبة، ويحسن بالإنسان أن يسأل الله جل وعلا التوفيق، فلا يدري في الخطوات التي يخطوها أو الخطوات التي يفر منها أين مواطن الخير؟ وما أدري إذا يممت أرضاً أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر هو الذي يبتغيني وقال أحسن من نصح ابنه: وسل من ربك التوفيق فيها وأخلص في السؤال إذا سألت وناد إذا سجدت له اعترافاً كما ناداه ذو النون بن متى فالإنسان في حياته هذه يسأل الله جل وعلا الإخلاص والتوفيق، وليعلم أنه ما ارتفع من الأرض إلى السماء شيء أعظم من الإخلاص، وما نزل من السماء إلى الأرض شيء أعظم من التوفيق، ولهذا قال الله جل وعلا حكاية عن شعيب خطيب الأنبياء أنه قال:{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ}[هود:٨٨]، فالإنسان مهما جمع من علوم الآلة، ومهما أوتي من مال، ومهما أعطي من جاه، ومهما رزق من سلطان فإنه مخلوق يحتاج إلى توفيق الله.
وسيبويه رحمة الله تعالى عليه مات في ريعان شبابه، وهو إن مات صغيراً إلا أن الله جل وعلا أورث بركة في كتابه، فالناس ينتفعون به إلى اليوم.
هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده، وأعاننا الله على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.