الشمس والقمر ذكرهما الله جل وعلا بأنهما آية مبصرة، وآية من ممحوة، قال الله تعالى:{فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا}[الإسراء:١٢]؛ ولهذا ترد في القرآن كلمة ليلة كثيرا؛ لأن الأنبياء خاصة في قصص الأنبياء؛ لأن هذا تعلق بشرائع الناس، ويتعلق بمعادهم لا بمعاشهم، والأنبياء إنما يعنون أعظم عناية بما يكون من أمور الدين؛ ولهذا قال الله جل وعلا:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}[الأعراف:١٤٢]، ولم يقول جل وعلا: واعدنا موسى ثلاثين يوماً.
والمشهور أن الله جل وعلا واعد موسى ثلاثين ليلة، وهي ليالي شهر ذي القعدة، وأتمها الله بعشر، وهي ليالي شهر ذي الحجة، وبهذا يكون الله جل وعلا قد كلم موسى في يوم النحر، ومعلوم أن لموسى ميقاتين: ميقات زماني، وهو عاشر ذي الحجة على الأظهر، وميقات مكاني على قول واحد، وهو جبل الطور الذي كلم الله جل وعلا عنده موسى.
الذي يعنينا -كما بينت- أن القمر آية جعلها الله جل وعلا لأمور حياتنا الدينية، كما جعل الشمس آية لحياتنا المعيشية التي فيها أرزاقنا وفيها معاشنا.
فتحرر من هذا كله أن الشمس والقمر ذكرا في الشعر العربي، لكن الشمس كانت أقل حضاً من القمر؛ لأن القمر يتعلق بالجمال، أما قول المتنبي اللي ذكرناه في الأول: وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ولو كل النساء كمن فقدنا لفضلت النساء على الرجال.
فقد قاله مجاملة في رثاء إحدى قريبات سيف الدولة الحمداني، ونحن نعرف أن المتنبي كان له باع طويل في مدح سيف الدولة الحمداني، هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده حول آيتين عظيمتين من آيات الله: هما الشمس والقمر.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.