الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
وبعد: فقد بينا أن لطائف المعارف يُعنى بالنظرة الموسوعية لبعض الأعلام والأحداث التاريخية، ولا ينزع من قنن واحد، وإنما هو أقرب إلى ذوات أفنان.
لقاؤنا اليوم يحمل عنوان: المهدي.
ونحن نعلم أن الله جل وعلا لم يُطلع أحداً من خلقه على الساعة، قال الله جل وعلا:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف:١٨٧].
وسيد الملائكة جبريل سأل سيد الرسل صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الساعة؟ فقال عليه الصلاة والسلام، وهو يعلم أن السائل جبريل:(ما المسئول عنها بأعلم من السائل) والمعنى أن علمي وعلمك فيها سواء.
لكن الله جل وعلا قال:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}[محمد:١٨] أي جاء بعض علاماتها، أي أن الله جل وعلا جعل للساعة أمارات وأشراطاً، كما قال جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام: فأخبرني عن أماراتها؟ وقال الله لموسى:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه:١٥] وقول الله جل وعلا: {أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه:١٥] يُشعر وفق قوانين اللغة وقواعد الإعراب أن الله لن يخفيها بالكلية، فوقتها المحدد أخفاه الله بالكلية، لكن جعل لها أشراطاً وعلامات، وهذا معنى قول الله:{أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه:١٥].
هذه العلامات قُسِّمت من قبل العلماء إلى صغرى وكبرى، ومن أشهر العلامات الكبرى: خروج المهدي.
والمهدي بشر من بني آدم، لكنه ينتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الخبر الصحيح:(المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا) فنفهم من هذا أن الله جل وعلا يُخرج قبل قيام الساعة رجلاً من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجري على يده خير عظيم.