قبل أن نشرع في قضية تحديد أوصافه خلقياً نقول: إن المسلمين -سواء المنتسبون إلى الإسلام حقيقة وهم أهل السنة، أو غيرهم ممن ينتسبون إليه- اختلفوا في قضية المهدي مع اتفاقهم على خروج رجل من آل البيت، فالشيعة يقولون: إن المهدي من ذرية الحسين، وهو عند الشيعة الاثني عشر آخر الأئمة الاثنى عشرية عندهم، واسمه عندهم محمد بن الحسن العسكري، ويقولون: إنه حاضر في الأمصار، وغائب عن الأبصار، دخل سرداباً في سامراء، وينتظرون خروجه ليملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
وفرقة أخرى ممن يطلق عليهم شيعة -ويسمون بالكيسانية- يقولون: إنه من ذرية علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، لكنه رابع الأسباط، ويقول كثير عزة وهو شاعر أموي معروف، وسمي بـ كثير عزة لتعلقه بامرأة يقال لها عزة، وله فيها قصائد مشهورة، والذي يعنينا أن هذا الرجل كان يؤمن بها المذهب وهو القائل: ألا إن الأئمة من قريش حماة الدين أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر وسبط غيبته كربلاء فسبط سبط إيمان وبر يعني الحسن.
وسبط غيبته الكربلاء.
يعني: الحسين.
وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء يعني: محمد بن الحنفية، وهو محمد بن علي أما الحنفية فهي أمه، أي أن أمه ليست فاطمة الزهراء.
إن أهل السنة سلك الله بنا سبيلهم يرون أن المهدي رجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه من ذرية الحسن، فهو فاطمي من جهة أمه، ثم إلى جده صلى الله عليه وسلم، وعلوي من جهة أبيه، يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، فيتحقق فيه خبر النبي صلى الله عليه وسلم.
على الإنسان أن يفهم القضية فهماً صحيحاً، فما أخبر الله أو رسوله عنه سيقع لا محالة، ولا حاجة إلى أن نستقدمه أو نسعى في استقدامه، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: وهو أن هناك شخصيات عبر التاريخ الإسلامي تمسكت بهذا الاسم، وسمعنا عن بعض خلفاء بني العباس ومن جاء بعدهم كلهم يريد أن يكون هو المهدي فيتسمى باسمه.
وليست القضية أن يتسمى الإنسان بالمهدي حتى يكون مهدياً هذا محال؛ فالله قد قدّر في الأزل وأخبر جل وعلا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من آل بيته سيكون هو المهدي، وآل البيت كثيرون، لكن هذا يقع بقدر الله.
فـ المهدي شاء أم أبى سيخرج بقدر الله تبارك وتعالى وبإلهام يلهمه الله جل وعلا إياه.
الأمر الثالث: أن نزول عيسى بن مريم في الغالب يكون في زمن المهدي؛ فالذي يظهر من سياق النصوص الشرعية أن الدجال يخرج في زمن المهدي فيقاتله المهدي، وتكون هناك أشبه بالملحمة في بيت المقدس، فينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فيقتل الدجال، وعيسى عليه السلام -في الغالب- يصر على أن يتقدم المهدي ليصلي بالناس، أما كون عيسى لم يصل فهذا ثبت في الأحاديث الصحيحة الصريحة عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه.