للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المترجم من معاني، فإذا لاحظ خللا في المعاني المستفادة وجب عليه أن يعيد النظر في الترجمة، فيصحح منها ما يحتاج إلى تصحيح، ويستبدل من الألفاظ ما يحتاج إلى إبدال، ويقوّم أسلوب الترجمة من تقديم وتأخير إلى أن يجد التوافق في المعاني بين الأصل والفرع، بحيث يعبر كلا منهما عن الآخر، وبحيث لو تم الاستغناء عن الأصل لأفاد الفرع المترجم نفس المعاني، وهذا من المحال في مجال ترجمة القرآن، ومن العبث أن يحاول مترجم بلوغ تلك الغاية، وليس الأمر كذلك بالنسبة للمفسر الذي لا يكلف بهذه الإحاطة، وليست هذه مهمة التفسير.

ومن منطلق أهمية ترجمة القرآن، وعدم إمكان ذلك من الناحية الفعلية ذهب بعض العلماء إلى جواز الترجمة، واعتبرت تلك الترجمة «ترجمة تفسيرية»، فهي ليست ترجمة حرفية وهي ليست تفسيرا، ووضعوا ضوابط للترجمة التفسيرية، ومن أهم هذه الضوابط ما يلي (١):

أولا: أن تكون الترجمة على شريطة التفسير، والغاية من هذا الشرط ضبط الترجمة، وتقييد حرية المترجم بحيث يتقيد في ترجمة المفردات بما دلت عليه اللغة العربية، وبما فسرت به السنة النبوية تلك المفردات، وبما دلت عليه الشريعة من معان موضحة لبعض المصطلحات، والمترجم في هذه الحالة، يتقيد بالمعنى التفسيري المنقول، ولا حرية له في تفسير أو توضيح، ويؤخذ على هذا الشرط أن كلمة الترجمة في معناها الأصلي تختلف عن معنى التفسير، فالتفسير قد يكون بنفس اللغة، وقد يكون بلغة أخرى، والترجمة هي أمر آخر، فالمترجم لا يفسر، ولا يملك حق التفسير، بخلاف المفسر، فلا ينكر حقه في التفسير والتوضيح، ومن الصعب وضع ضوابط دقيقة للتفريق بين التفسير والترجمة التفسيرية وكلمة التفسير ليست دقيقة في مجال الترجمة، لاختلاف طبيعة مهمة كل من المفسر والمترجم.

ثانيا: أن يلتزم المترجم بالموضوعية والحياد والإنصاف، وألا يكون صاحب بدعة أو دعوة، فإن كان مؤمنا بعقيدة منافية لعقيدة الإسلام، أو ملتزما ببدعة


(١) انظر التفسير والمفسرون للدكتور محمد حسين الذهبي، ج ١، ص ٢٩، طبعة دار الكتب الحديثة.

<<  <   >  >>