للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقوله: «أَكِّدْ به»، ولم يقل: به أَكِّدْ؛ لئلا يفيد الحصرَ، مع أنه كان يمكنه أن يقول: به أَكِّدَنْ كلَّ ضميرٍ اتصل (١).

* قولُه: [«اتَّصَل»] (٢): وقد يُطلق على الضمير المستتر متصلًا تجوُّزًا.

وممَّا يحتمل أن يكون مثلَ هذه المسألة: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ} (٣)، فهذا يحتمل التأكيدَ والفَصْلَ، {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} (٤)، فهذا أيضًا مثلُ الأول في جواز الوجهين، ولولا هذه المسألةُ لم يَجُزْ إلا وجهٌ واحدٌ، وهو الفَصْل، وكذلك: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} (٥)، إلا أن جواز هذين الوجهين لا إشكالَ في شيءٍ منه، إلا أن التأكيد قد يطابق المؤكَّد في إعرابه.

فإن قلت: لأيِّ شيءٍ جاز هذا كلُّه، أعني: أن يؤكَّد بالضمير المنفصلِ المرفوعِ كلُّ ضمير متصل؟

قلت: أشار إلى ذلك سِيبَوَيْهِ (٦)، وفسَّره السِّيرافيُّ (٧) تفسيرًا حسنًا، وخلاصةُ ما ذكر أن قال: أصلُ الضمير أن يوضع على صيغة واحدة مشتركةٍ بين الرفع والنصب والخفض، كما أن الأسماء المظهرة وأسماءَ الإشارة كذلك، ويكونَ الدالُّ على إعرابها عواملُها ومَحَالُّها، ولكنهم فَصَلوا في المضمر في بعض الأحيان، وذلك زيادةُ بيانٍ أحسنوا فيها، فهذه قاعدةٌ.

قاعدةٌ ثانيةٌ، وهي أن أصل الضمائر المنفصلة أن تكون مرفوعة هو (٨)؛ لأن الأصل في أحوال الاسم الابتداءُ، فهو أوَّلُها وأَسْبَقُها، فإذا أُضمر المبتدأ لم يكن بدٌّ من


(١) الحاشية في: ١٠٨.
(٢) ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، والسياق يقتضيه.
(٣) الكهف ٣٩.
(٤) المزمل ٢٠.
(٥) الزخرف ٧٦.
(٦) الكتاب ٢/ ٣٨٥ - ٣٨٧.
(٧) شرح كتاب سيبويه ٩/ ١٠٤، ١٠٥.
(٨) كذا في المخطوطة، والصواب بحذفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>