للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: المعنى: أردنا إهلاكَها، فإذا أردتَّ القراءة، كقولهم: قد قامت الصلاة، أي: قد قَرُب قيامُها، أو: أُريد قيامُها، وقولِه (١):

إِلَى مَلِكٍ كَادَ النُّجُومُ لِفَقْدِهِ ... يقفن (٢) وَزَالَ الرَّاسِيَاتُ مِنَ الصَّخْرِ (٣)

أي: أرادت أن تزولَ (٤).

(خ ٢)

* ع: اشتركت الواوُ والفاءُ و"ثُمَّ" في إفادة التشريك في الحكم كما قدَّمنا، وانفردت الفاءُ و"ثُمَّ" عن الواو وبأنهما (٥) تفيدان الترتيبَ، وهي لا تفيده، وانفردت الفاءُ عن "ثُمَّ" بأن "ثُمَّ" ترتِّبُ بانفصالٍ والفاءَ ترتِّبُ باتصالٍ، والمعنيُّ بالاتصال والانفصال: التعقيبُ والتراخي؛ لأن الآتيَ على عَقِب الشيء متصلٌ به، والمتراخيَ عن الشيء محجوزٌ بينهما بالمدة المتخلِّلة، وقد اجتمعا في قوله سبحانه: {أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} (٦).

وقد تُحمَل كلٌّ منهما على الأخرى؛ لاشتراكهما في إفادة الجمع والترتيب، فمِنْ حَمْل الفاء على "ثُمَّ": قولُه تعالى: {أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً} (٧)، ومِنْ عَكْسه: قولُ الشاعر (٨):

كَهَزِّ الرُّدَيْنِيِّ تَحْتَ العَجَاج ... جَرَى فِي الأَنَابِيبِ ثُمَّ اضْطَرَبْ (٩)


(١) هو الفرزدق.
(٢) كذا في المخطوطة معجمًا، وهي في مصادر البيت: يقَعْنَ.
(٣) بيت من الطويل. ينظر: الديوان بشرح الحاوي ١/ ٣٦٦، وشرح جمل الزجاجي ١/ ٢٢٩.
(٤) الحاشية في: ٢٤/أ.
(٥) كذا في المخطوطة، والصواب: بأنهما، بحذف الواو.
(٦) عبس ٢١، ٢٢.
(٧) الأعلى ٤، ٥.
(٨) هو أبو دُؤَاد الإيادي.
(٩) بيت من المتقارب. الرُّدَيْني: الرمح، والعَجَاج: الغبار، والأنابيب: ما بين كل عُقْدتين من القَصَب. ينظر: الديوان ٢٩٢، والمعاني الكبير ١/ ٥٨، وشرح التسهيل ٣/ ٣٥٥، والمقاصد النحوية ٤/ ١٦١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>