للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: بل شرطُ الثاني، ويلزم عن ذلك الأولُ؛ أَلَا تراه قال: «اعطِفْ بها إِثْرَ همزِ التَّسْوِيه» إلى آخره، فجَعل ذلك شرطًا للعطف؟ فآذَنَ بأن ذلك إذا فُقد فُقد العطفُ.

ومعناه: و"أَمْ" اعطفْ بها إذا كانت متصلةً، وإنما تكون متصلةً إذا قُرن ما عُطف عليه بهمز التسوية، أو همزةٍ عن لفظ "أيّ" مغنيةٍ، ولا يُعطف بها إذا كانت منقطعةً، وإنما تكون منقطعةً إذا خلا المعطوف عليه من الاقتران بإحدى الهمزتين، فحَذَف الناظمُ ذكر الاتصال من الأُولى؛ اكتفاءً بما فُهم من تخصيص الانقطاع بالقسم الآتي، وحَذَف التنبيهَ على أن المنقطعة غيرُ عاطفةٍ؛ اكتفاءً بما فُهم من التنصيص على كونها في القسم الأول عاطفةً.

فإن قلت: لِمَ سُمِّيت في الضرب الأول متصلةً؟

قلت: لأن ما قبلها وما بعدها لا يُستغنى بأحدهما عن الآخر؛ لكونهما مفردان (١)، تحقيقًا، نحو: أزيدٌ في الدار أم عمرو؟ أو تقديرًا، نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (٢).

فإن قلت: ولِمَ سُمِّيت في الضرب الثاني منقطعةً؟

قلت: لعكس ذلك، وهو أن ما قبلها وما بعدها يُستغنى بأحدهما عن الآخر؛ لكونهما جملتان (٣)، تحقيقًا، نحو: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} (٤)، أو تقديرًا، نحو: إنها لإِبِلٌ أم شاءٌ؟ (٥) أي: بل أهي شاءٌ؟ (٦)


(١) كذا في المخطوطة، والوجه: مفردين.
(٢) البقرة ٦، ويس ١٠.
(٣) كذا في المخطوطة، والوجه: جملتين.
(٤) يونس ٣٨، وهود ١٣، ٣٥، والسجدة ٣، والأحقاف ٨.
(٥) قولٌ للعرب رواه سيبويه في الكتاب ٣/ ١٧٢، ١٧٤.
(٦) الحاشية في: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>