للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكأنك قلت: مَنْ أراد الجامعَ لهاتين الخصلتين فعليه بفلانٍ، فهو المعيَّن لاجتماعهما (١).

* أنشد القاليُّ (٢)، عن ابن الأَنْباريِّ، عن ثَعْلَبٍ، للفَرَزْدَق (٣):

يُفَلِّقْنَ هَا مَنْ لَمْ تَنَلْهُ سُيُوفُنَا ... بِأَسْيَافِنَا هَامَ المُلُوكِ القَمَاقِمِ (٤)

قال ثَعْلَبٌ: "ها" تنبيهٌ، والتقدير: يُفلِّقنَ بأسيافنا هامَ الملوك القَمَاقم، ثم قال: "ها" للتنبيه، ثم استَفهَم، فقال: مَنْ لم تَنَلْه سيوفُنا؟

قال ابنُ دُرَيْدٍ (٥): سمعت شيخًا منذُ حينٍ يعيب هذا، ويقول: "هامًا" جمعُ هامةٍ، و"هامَ الملوك" مردودٌ على "هامًا"، كما قال الله تعالى: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ} (٦).

قال أبو عَلِيٍّ القاليُّ: فاحتَجَجتُ عليه بقوله: "تَنَلْه"، ولو أراد الهام لقال: تَنَلْها؛ لأن العرب لم تؤنث "الهامَ"، لا يقولون: الهامُ فَلَقْته، كما قالوا: النخلُ قطعته، و: قطعتها.

قال أبو عُبَيْدٍ البَكْريُّ (٧): لم يُوفَّقْ في هذا الاحتجاج، كيف وهو يروي قولَ النابِغة:

بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهَامَ عَنْ سَكَنَاتِه


(١) الحاشية في: ١٢٥، وهي في الكشاف ١/ ١٥، ١٦.
(٢) الأمالي ١/ ٢٧٠.
(٣) لم أقف عليه في ديوانه، وينسب لشَبِيب بن البَرْصاء.
(٤) بيت من الطويل. ينظر: عمدة الكتاب ٤٩، ومجالس العلماء ٣٠، وتهذيب اللغة ٦/ ٢٥٤، والخصائص ٣/ ١٧١، والعمدة ١/ ٢٦٠.
(٥) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: ابن الأنباري؛ لأنه الذي روى عنه القاليُّ الخبرَ، وسيذكر قريبًا محاورته له، ولعل الوهم جاء أنها في الأمالي: قال أبو بكر، وهي كنية ابن دريد وابن الأنباري كليهما.
(٦) الشورى ٥٢، ٥٣.
(٧) التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه ٨٥، ٨٦، وينظر: اللآلي في شرح أمالي القالي ١/ ٥٩٨، ٥٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>