للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* فإن قلت: قولُه: «في كُنْتُهُ»: لا يختص ذلك بـ"كان"، بل أخواتُها كذلك.

قلت: إذا ذُكِرت أمهاتُ الأبواب أغنى ذكرُها عن ذكر أخواتها، ونظيره: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ} (١) (٢).

* قولُه: «في "كُنْتُه" الخُلْفُ انْتَمَى» يوهِم أن المراد أن الخلاف فيه: هل هو من باب "سَلْنِيه"، في كونه يُوصل ويُفصل، أم لا؟ فيكونَ ممَّا فيه القاعدةُ العامةُ، وهي كونه واجبَ الوصل؛ لإمكان وصلِه.

ويجاب عن هذا: بأن هذا الوهمَ قد ارتفع بقوله (٣):

... ... ... «وَاتِّصَالَا ... أَخْتَارُ»

البيتَ؛ فنصَّ على أن الخلاف في الاختيار، لا في أصل الجواز.

ويُعتَرض بأن قوله: «أختارُ» يحتمل وجهين: أحدهما: أن يريد به الرجحانَ، والثاني: الجوازَ، أما الأول فواضحٌ، وأما الثاني فكما تقول: اختَلفوا في كذا، فاختار فلانٌ كذا، والمختارُ عند غيره كذا، ولا تريد بذلك رجحانًا، بل أن الرأيَ الجيدَ عند فلانٍ أن يكون الحكمُ كذا، والرأيَ الجيدَ عند غيره كذا.

ويجاب عن هذا بأنه شَفَع: «كُنْتُه» بـ: «خِلْتَنيه»، و: «خِلْتَنيه» من باب: «سَلْنِيه»، وقد تقدَّم أنَّ: «سَلْنِيه» وما أشبهه يجوز فيه الوصلُ والفصلُ، فدار الأمرُ بين أن يكون قولُه هنا:

... ... ... «وَاتِّصَالَا ... أَخْتَارُ»

البيتَ؛ مرادًا به أنهم اختلفوا في أصل جواز الوجهين، فيكونَ مخرِجًا له بالكلية من باب: «سَلْنِيه»، ويكونَ تخصيصًا لذلك العموم، أو تقييدًا لذلك الإطلاق، والأصلُ خلافُ ذلك، وأن يكون مرادُه أنهم اختلفوا في المختار، لا في أصل الجواز، فيكونَ الكلامُ السابق على ظاهره لم يخرُج منه شيءٌ، وهذا أَوْلى قطعًا.


(١) الحاقة ٩.
(٢) الحاشية في: ١١.
(٣) في البيت التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>