للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من "قبلُ" ومن "بعدُ" ما يتعرَّفان به، مع افتقار المضاف إلى المضاف إليه؛ أَلَا ترى أن الصلة إنما تُعرِّف الموصولَ إذا كان فيه ضميرُه؟ ثم حُذِف الضمير مع أن الكلام مفتقر إليه، فقد صار ذلك كحذف الصلة أجمعَ؛ لأنها خالية من الضمير الذي الكلامُ يصلح به (١)، وإنما وجب أن تُوصَل "أيّ" في الخبر؛ لأن المخبِر حقُّه أن يخبر بما يُعرَف، وإلا لم يكن لخبره معنًى، ولم تُوصَل في الاستفهام؛ لأن المستفهِم إنما يستفهم عما يُنكَر ولا يُعرَف. انتهى.

وهذا مقتضٍ لأَنْ تُبنى "أيٌّ" إذا حذف ما تضاف إليه، إذا قيل: أيًّا هو أشد، وليس كذلك بالإجماع، وإنما قلت: إنه يقتضيه؛ لأنه إذا كان حذفُ الصلة مقتضيًا للبناء؛ لأنه شبيهٌ بحذف المضاف؛ فأَنْ يكون حذفُ المضاف شبيهًا بحذف المضاف من باب الأَوْلى، ويلزم أيضًا على صريح علَّته أن تُبنى إذا قيل: أيًّا أشد؛ لأن الافتقار حينئذٍ أشدُّ.

قال ابنُ هِشَامٍ غفر الله تعالى له: وقد رأيت فيما بعدُ في كلام أبي عَلِيٍّ في "التَّذْكِرة" ما يرفع هذا.

ع: الحاصل: أنه جَعَل الصلةَ والعائدَ مجموعُهما كالمضاف إليه، بجامع أن كلًّا منهما -أعني: من الصلة والعائدِ، ومن المضاف إليه- يُعرِّف، وجَعْلُه زوالَ العائدِ كزوال الصلة؛ لأن التعريف بالمجموع؛ فبُنِي لذلك؛ وَاهٍ؛ / لأن ذلك إن تمكَّن لا يتمكَّن تَمَكُّنَ المفرد، بدليل امتناع: أَيُّوهُم، وأَيَّاهُم (٢)، وجواز: أَيُّونَ، وأَيَّانِ. /

حكي عن الأخفش (٣) أنه قال: ولم تُبْنَ في الإفراد كما بُنيت في حال الإضافة؛ لأن المفرد يُثنَّى ويجمع، والمضافَ ليس كذلك؛ أَلَا ترى أن من قال: أَيَّانِ، وأَيُّونَ لم يقل: أَيُّوهُم، ولا: أَيَّاهُما؟ انتهى.


(١) بعده في المخطوطة -وقد ضرب عليه-: «وتختص في أنها لا تعرِّف، بمنزلة خلوِّ الكلام من ... فمن ... انه لا يتعرف بها»، وموضعا النقط مقدار كلمة انطمست في المخطوطة.
(٢) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: أَيَّاهما؛ لأن "أيَّانِ" قبل الإضافة مثنى، فلو قُدِّر جواز إضافته لم يخرج عن ذلك، وهو كذلك في الحكاية الآتية عن الأخفش.
(٣) لم أقف على الحكاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>