للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"أَيُّهم"، ولو قالت العرب: اضربْ أيٌّ أفضل؛ لقلتُه، ولم يكن بُدٌّ فيه من متابعتهم. انتهى.

وهما خَلِيقان بإجازة ما أجازه (١) من ذلك وشبهِه؛ لأن الضمة عندهما ضمةُ إعرابٍ، لا ضمةُ بناءٍ؛ لأن "أيًّا" عند يُونُسَ استفهاميةٌ معلَّقة، وعند الخَلِيل استفهاميةٌ عاملُها وما بعدها من الجملة قولٌ تُقَدَّر هي محكيةً به، ولو سُمِع ما ذكراه لصحَّ قولُهما في أصل المسألة، ولكنه لم يُسمع، بشهادة س، رحمهم الله أجمعين.

والذي حَمَلَهما على ذلك؛ أَنْ قالا ذلك؛ أنهما لم يَرَيَا للبناء وجهًا، ووجهُه ظاهر، وهو أنه القياس، أي: كسائر الموصولات، فلما دخلها حذفُ العائد ضَعُفت، فرُدَّت إلى أصلها، كما أن "ما" في لغة أهل الحجاز، إذا تقدم خبرها، أو اقتَرنت بـ"إلا"؛ رجعت إلى أصلها من الإهمال، كذا شَبَّهه س (٢).

وأما الكوفيون (٣) فيُوجِبون النصب في نحو: لأضربنَّ أَيَّهم أفضلُ، وأَيَّهم هو أفضلُ، وأيًّا أفضلُ، وخَرَّجوا الآيةَ (٤) على ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: للكِسَائيِّ والفَرَّاءِ: أن "نَنْزِع" اكتفى بالظرف، كما تقول: أكلت من كل الطعام، ثم ابتُدِئ: أيُّهم أشدُّ.

الثاني: أن الشيعة الأعوانُ، والتقدير: من كل قومٍ تعاونوا؛ لينظروا أيَّهم أشد، والنظر من دلائل الاستفهام، وهو مقدر معه، وأنت لو قلت: لأنظرنَّ أيَّهم أشد؛ كان النظر معلقًا.

ولم أَرَ في نسخة السِّيرافيِّ (٥) الوجهَ الثالثَ، وقال بعدُ انهم (٦) ذكرَ عنهم الأوجهَ


(١) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: أجازاه.
(٢) الكتاب ٢/ ٤٠١.
(٣) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٤٧، وإعراب القرآن للنحاس ٣/ ١٧، وأخبار الزجاجي ١٠٧، وشرح كتاب سيبويه للسيرافي ٩/ ١٢٨، والإنصاف ٢/ ٥٨٣، والتذييل والتكميل ٣/ ٨٩.
(٤) وهي قوله تعالى في سورة مريم ٦٩: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}.
(٥) ولم أره كذلك في المطبوعة. ينظر: شرح كتاب سيبويه ٩/ ١٢٨.
(٦) كذا في المخطوطة، ولم أتبينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>