للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحاول ابنُه (١) تأويل كلامه، فقال: إذا حُكِي بها قولٌ، يعني: مسموع، فقد حُكِيت هي نفسُها مع مصاحبة القول.

كذا قال، وفيه نظرٌ، أما أنها إذا حُكي بها قولٌ مسموعٌ كانت مصاحبةً للقول فواضح؛ لأنها إن لم تصاحبه كانت إخبارًا من عند المتكلم عن نفسه، لا إخبارًا عن مَنْ (٢) قال، فنحن إنما ندَّعي أن الكلام حكايةٌ مع مصاحبة القول، وإلا فالظاهرُ خلافُه، وأما قوله: فقد حُكِيت هي نفسُها؛ فاستقامته على أن يريد بالحكاية الإخبارَ، كما تقول: حَكَى لنا حكايةً عن نفسه، أي: أخبر بخبرٍ عن نفسه، على أن هذا يرجع أيضًا إلى معنى المماثلة؛ لأن معناه أنه أخبرنا عن شيء مماثِلٍ لِمَا اتفق له، لكن كأنَّ هذا المعنى تُنُوسِيَ من هذا الكلام، فعلى هذا يُحمل قوله: فقد حُكِيت هي نفسُها مع مصاحبة القول، أي: أُخبِر بها في حالة مصاحبة القول.

وعبارةُ ابنِه عن هذه المسألة أن قال (٣): الرابعُ: أن تُحكَى بقولٍ مجردٍ من معنى الظن، نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} (٤)، وقولُه: «أو حُكِيَتْ بالقول» معناه: حُكِيت ومعها القولُ؛ لأن الجملة إذا حُكي بها القول فقد حُكيت هي نفسُها مع مصاحبة القول، واحتُرز بالمجرد من معنى الظن من: أتقولُ أنَّك فاضل؟

قلت: عليه نَقْدان:

أحدهما: أنه كان ينبغي أن يعبِّر عن المسألة بعبارةٍ واضحةٍ كاشفةٍ عن معناها؛ لتكون عبارتُه تفسيرًا لعبارة الناظم، وايضا (٥) لِمَا فيها من الخفاء، أَمَّا أنه أتى بمثل العبارة الخفيةِ، ثم شَرَحَ عبارةَ أبيه المساويةَ لعبارته هو في الخفاء؛ ليَلْزَمَ من ذلك شرحُ عبارته هو؛ فلا يَحْسُنُ.


(١) شرح الألفية ١١٨.
(٢) كذا في المخطوطة مفصولًا، والوجه: عمَّن؛ تكتب موصولةً للإدغام. ينظر: كتاب الخط لابن السراج ١٣١.
(٣) شرح الألفية ١١٨.
(٤) مريم ٣٠.
(٥) كذا في المخطوطة، والصواب: وإيضاحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>