للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال: مَنْ قال: إن هذا يجوز في المصادر غيرِ الصريحة؟

فنقول: قالت العرب (١): لا أصحبك ما دام زيدٌ صديقَك، قالت النحاة -والمعنى يُصدِّقهم-: إن المعنى: مدَّةَ دوامِ زيدٍ صديقَك، فثبت أن الأصل: خُلُوَّ بعضِهم عن زيد، ثم: مدَّةَ خُلُوِّهم، ثم: ما خلا.

فيقال: "ما" المصدرية لا توصَل إلا بالأفعال المتصرفة؛ أَلَا ترى أن النحاة يجعلون قولَ الشاعر (٢):

بِمَا لَسْتُمَا أَهْلَ الخِيَانَةِ وَالغَدْرِ (٣)

من الضرورات؟ وعلَّةُ ذلك: أنها لا بدَّ أن تُقدَّر مع الفعل بالمصدر، فإذا كان الفعل جامدًا لم يمكن ذلك.

فنقول: فرقٌ بين الفعل الذي وُضع (٤) غيرَ متصرف وغيرِه، فالذي وُضع غيرَ متصرف لا يجوز فيه هذا، والذي وُضع متصرفًا، ثم وقع صلةً، فلا مانعَ فيه، ثم إنه حين ذلك يلزم صيغةَ (٥) الماضي، بسبب وقوعه صلةً لـ"ما"، لا لسببٍ في نفسه، كما في: ما دام، وهذا الجمود العارض لا يمنع من التقدير بالمصدر، بخلاف ما لو كان الجمود مقارِنًا للوضع (٦).


(١) ينظر: شرح كتاب سيبويه للسيرافي ٢/ ٣٥٨، ٣٥٩، والصحاح (غ ب س) ٣/ ٩٥٥، والمحكم ٢/ ٢٩٧، ٦/ ٤٦٠.
(٢) لم أقف له على نسبة.
(٣) عجز بيت من الطويل، وصدره:
أليس أَمِيري في الأمور بأنتما؟ ... ...
ينظر: الشيرازيات ٢/ ٥٩٩، وشرح جمل الزجاجي ٢/ ١٥٧، والتذييل والتكميل ٣/ ١٥١، ومغني اللبيب ٤٠٣، والمقاصد النحوية ١/ ٣٨٧، وشرح أبيات مغني اللبيب ٥/ ٢٤٤.
(٤) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(٥) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(٦) الحاشية في: ٤٤/ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>