للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي بالوجهين، والوِفَاضُ: جمعُ وَفْضَةٍ التي يُجعل فيها الزادُ (١).

ومِنْ ثَمَّ رَدَّ ابنُ الخَشَّابِ (٢) على الحَرِيريِّ (٣) في قوله: «فدَخَلْتُها خاويَ الوِفَاضِ، باديَ الإنفاضِ»، فقال: استَعمل الجمعَ في موضِع الواحد في غير موضعه.

ورَدَّ عليه ابنُ بَرِّي (٤) بأنه يجوز أن يكون معه مَزَاوِدُ مختلفةٌ لأنواعٍ من المأكول، قال: وكأنه إنما حَكَم بأن الموضع موضعُ إفرادٍ؛ لقوله بعدُ (٥): «لا أَجِدُ في جِرَابي مُضْغَة»، ولا دليلَ فيه؛ لأنه يكون كقولهم: فلان ليس في إزاره فَضْلٌ، ولا في ثوبه خَرْقٌ، ولا في إنائه صَدْعٌ، لِمَنْ أرادوا مَدْحَه، وكما قال ابنُ (٦) خَيَّاطٍ العُكْلِيُّ:

وَكُلُّ قَوْمٍ أَطَاعُوا أَمْرَ سَيِّدِهِمْ ... إِلَّا نُمَيْرًا أَطَاعَتْ أَمْرَ غَاوِيهَا (٧)

لا يريد سيِّدًا واحدًا، ولا غاويًا واحدًا، ويُروَى: أَمْرَ مُرْشِدِهِم (٨).

* [«تابِعَ الذي انخَفَض»]: مرادُه: الذي انخفض وهو مخفوضٌ بذي الإعمال، لا الذي انخفض مطلقًا، ودلَّ على ذلك: أنه يَلِي قولَه: «وانصِبْ بذِي الإِعْمالِ».

فإن قيل: بل هو أعمُّ من هذا، ويجوز النصبُ والجرُّ بعد الماضي الذي ليس معه "أَلْ"، فالجرُّ واضح، والنصبُ بإضمار فعلٍ، كما يقوله الجمهورُ في اسم الفاعل العاملِ؛ لأنهم لا يجوِّزون مع عدمِ تنوينه إعمالَه.

فإن قلت: لا يدلُّ غيرُ العامل على العامل، فهذه المسألةُ تَرِدُ عليه -أعني:


(١) ينظر: جمهرة اللغة ١/ ٣٣٥، ٢/ ٨٢٩، والصحاح (و ف ض) ٣/ ١١١٣.
(٢) الرد على الحريري في المقامات ٤٣٧.
(٣) المقامات ٨.
(٤) الانتصار للحريري ٤٣٨.
(٥) المقامات ٨.
(٦) هو مالك بن خيَّاط بن مالك بن أقيش، شاعر جاهلي، وهو الذي عَقَد حِلْف الرباب. ينظر: معجم الشعراء ٣٥٩.
(٧) بيت من البسيط. ينظر: الكتاب ٢/ ٦٤، ومجاز القرآن ١/ ١٧٣، والإنصاف ٢/ ٣٨٤، وخزانة الأدب ٥/ ٤٢.
(٨) الحاشية في: ١٩/ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>