للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفعلة لمرة كجلسه ... وفعلة لهيئة كجلسه

(خ ١)

* قولُه: «و"فَعْلَةٌ" لمَرَّةٍ» البيتَ: المصادرُ أجناس تحتمل القليلَ والكثيرَ، وتحتمل جميعَ الأنواع باعتبار الهيئات والحالات، فمِنْ ثَمَّ لم تُجمع، فإذا أردتَّ الدلالة على كمِّيَّتِها، أو على خصوصيةِ نوعِها؛ فإما أن يكون الفعل ثلاثيًّا، أو زائدًا على ذلك:

إن كان ثلاثيًّا فإنك تبني المصدرَ الذي تريد الإخبار بوقوعه مرةً واحدةً على "فَعْلة"، وتُثَنِّيه إذا أردتَّ التثنيةَ، وتجمعُه إذا أردتَّ الجمعَ، فتقول: ضربت ضَرْبةً، و: ضَرْبتين، فتدلُّ على الكمية بخصوصيتها، و: ضَرَباتٍ، فتدلُّ على أن المصدر لم يقع مرةً فقط، ولا مرتين فقط، بل أكثرَ من ذلك، وإن كنت لم تثنِّ حقيقةً كميتَه؛ لأن العدد إنما يدل على مقدارٍ مبهم، هذا ما لم يكن الفعل قد وُضع مصدرُه على "فَعْلة"، فإنَّ "فَعْلة" فيه لا يدل على الوَحْدة، نحو: رَحِمَ رَحْمةً، فـ"رَحْمة" كقولك: ضَرْبًا، يدل على القليل والكثير، ولا يُثنَّى ولا يجمع، فافْهَم الفرق بين "رَحْمة" و"ضَرْبة"، حيث جُمع أحدُهما وثُنِّي، بخلاف الآخَر.

وإن أردتَّ الإخبارَ بوقوعه على هيئة خاصة معلومة، فإنك تبنيه على "فِعْلة"، فتقول: جَلَست جِلْسةَ القاضي، أو: جِلْسةً حَسَنةً، أو: الجِلْسة التي تعرفها، ولا يستعمل إلا على أحد هذه الأوجه، و"فِعْلة" في ذلك دالَّة على الهيئة، والتعريفُ يدل على خصوصية الهيئة، ويحتمل وقوعُ المصدر القلةَ والكثرةَ، هذا ما لم يُبْنَ مصدرُ الفعل على "فِعْلة" من أول الأمر، نحو: أَنْعَمَ نِعْمة؛ فإن "فِعْلة" لا تدل فيه على هيئةٍ، ولا يصح لك بناءُ "فِعْلة" غيرِها للهيئة، وإنما تَتَوصَّل إلى الدلالة على الهيئة بالوصف، أو الإضافة، أو التعريف.

وإن كان الفعل غيرَ ثلاثي فإنك تَعْمِد إلى مصدره القياسي فتلحقُه التاءَ إذا أردتَّ الدلالةَ على الوَحْدة، فتقول: أَغْفى إِغْفاءةً، و: استخرج استخراجةً، / فإن كانت التاء موجودةً فيه في الأصل لم يَدُلَّ على المرة إلا بالنعت، كقولك: استجار استجارةً واحدةً، و: استعان استعانةً واحدةً.

وإذا أردتَّ الدلالة على الهيئة فلا سبيل إلى ذلك في بِنْيَته، بل بالوصف وشِبْهِه،

<<  <  ج: ص:  >  >>