للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافٌ (١).

* قولُه في الوجه الآخَر من الورقة (٢): «الصفةُ المشبَّهةُ»: إن قيل: لِمَ حَمَلوا الفعلَ القاصرَ أيضًا على المتعدي؟

قلت: أجاب المصنفُ في "شرح التَّسْهِيل" (٣) بأن الصفة اللازمةَ ساوَتِ المتعديةَ في عمل الجر بالإضافة بعد رفعها ضميرًا، والجرُّ أخو النصب، وشريكُه في الفَضْلية، فجاز أن تساويَها في استبدال الجرِّ بالنصب.

والثاني (٤): أنهم لو فعلوا ذلك في الأفعال كما فعلوه في الصفات لم يُعرف القاصرُ من المتعدي، فلما خَصُّوا ذلك بالصفات ظَهَر الفرقُ، على أنه قد جاء في الفعل شاذًّا: في الحديث (٥): «أنَّ امرأةً كانت تُهرَاقُ الدماءَ»، أي: تُهْرَاقُ دماؤها، فأَسند الفعلَ إلى ضمير المرأة مبالغةً، ثم نَصب الدماءَ، وعليه حَمَل قومٌ: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} (٦)، وقولَهم: غُبِنَ رأيَه، وأُلِمَ رأسَه، ووُجِعَ بطنَه.

ع: حقيقةُ إجراءِ القاصر مُجرى المتعدي: أن يكون الفعلُ أو الصفةُ مسندَيْن إلى شيءٍ له تعلُّقٌ بشيءٍ إسنادًا حقيقيًّا، فيُنقل الإسناد إلى الشيء الذي التعلُّقُ به، مجازًا ومبالغةً، ويَخرج الفاعلُ مفعولًا، فمِنْ ثَمَّ لم يتأتَّ للصفة المشبَّهة أن تعمل إلا في السببيِّ، وإلا لم يمكن أن تُسنَد إلى الفاعل المجازي بعد الحقيقي لو قلت أوَّلًا: زيدٌ حَسَنٌ، وأردتَّ مفعولًا لم تَقْدِرْ عليه، بخلاف ما إذا قلت: وجهًا، أو: أبًا، فحوَّلتَه من: زيدٌ حَسَنٌ وجهُه، أو: أبوه، ومثلُ: {سَفِهَ نَفْسَهُ}: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (٧).


(١) الحاشية في: ٢٠/ب.
(٢) قال هذا؛ لأنه كتب هذه الحاشية في ٢٠/أ، والموضع المعلَّق عليه في ٢٠/ب.
(٣) ٢/ ٣٨٧.
(٤) من جوابَيْ ابن مالك.
(٥) تقدَّم قريبًا.
(٦) البقرة ١٣٠.
(٧) القصص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>