للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رديءٌ، وأنشد للشَّمَّاخِ:

أَمِنْ دِمْنَتَيْن

البيتين (١)، فذكر أنه إنما جاء في الشعر، وأنه رديءٌ، فكيف يقال: إنه أجازه؟

وقولُه: إن الجميع خالفوه كذبٌ أيضًا، بل أكثرُ أصحابه يوافقُه.

وحكى الكوفيون (٢): مررت برجلٍ حَسَنٍ وجهَه، وأنشدوا:

وَادِقَةً ضَرّاتها (٣) (٤)

وإذا كان هذا الوجه مستعملًا لم يلزم من قولنا: مررت برجلٍ حَسَنٍ وجهَه إضافةُ الشيء إلى نفسه؛ لأن الوجه إذا جاز نصبُه مع إضافته إلى ضمير الرجل صار بمنزلة: مررت برجلٍ ضاربٍ غلامَه، فيكون في "حَسَن" ضميرٌ يرجع إلى "رجل"، كما في "ضارب"، فيقال حينئذٍ: مررت برجلٍ ضاربِ غلامِه، ويكون في "ضارب" ضميرٌ في حال الخفض، كما كان في حال النصب، على قياس: ضاربِ غلامِه، و: ضاربٍ غلامَه، فلا تقبُحُ المسألةُ على هذا التأويل من جهة إضافة الشيء إلى نفسه، وإنما يقبُحُ ويستحيلُ من جهة اجتماع الشيء ونقيضِه؛ لأن إضافة الوجه إلى ضمير الرجل يوجب أن يكون "الحَسَنُ" الوجهَ، غيرَ منقول عنه إلى الرجل، والإضمارُ في "حَسَنٍ" يوجب أن يكون منقولًا إلى الرجل، فيصير "الحَسَنُ" منقولًا غيرَ منقولٍ في حالٍ واحدةٍ، وكذلك الضمير المثنَّى في:

... جَوْنَتَا (٥) ...

يوجب أن تكون "الجَوْنة" منقولةً عن "المُصْطَلى" إلى "الجارَتَيْن"، وإضافةُ "المُصْطَلى" إلى ضمير "الجارَتَيْن" يوجب أن تكون "الجَوْنة" غيرَ منقولة، وهذا تناقضٌ.


(١) من الطويل، تقدَّما قريبًا.
(٢) ينظر: البصريات ٣٥١، والتذييل والتكميل ١١/ ٢٣.
(٣) كذا في المخطوطة مضبوطًا، والصواب ما في الحُلل ومصادر البيت: سُرَّاتِها.
(٤) بعض بيت من مشطور الرجز، لعمر بن لَجَأ التَّيْمي، ذكرته قريبًا صلةً لأبياتٍ قبلَه في المتن.
(٥) بعض بيت من بيتَيْ الشمَّاخ المتقدِّمين قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>