للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تُصْبِحِي فِي الظَّاعِنِ المُوَلِّي (١)

وقيل: إنها عهدية.

حجَّةُ الأوَّلين: لزومُ "أَلْ" في فاعلها أو فيما أضيف إليه، فلولا الجنسية كان فاعلُها كلَّ اسمٍ، وقولُهم: نِعْمَ المرأةُ هندٌ، كما يقولون: قام النسوة، وقال الله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ} (٢).

قيل: فأَجِيزوا في قولك: نِعْمَ الرجلُ أن يقال: نِعْمَت الرجلُ، كما يقال: قامت الرجال، و: نِعْمَت الرجال.

قلنا: مقتضى القياس أن لا يجوز: نِعْمَ المرأةُ؛ رَعْيًا لجانب اللفظ، ولكنهم راعوا جانبَ المعنى المعتَضِدِ بالأصالة، وهي التذكير، فأما هذا فمخالِف لذاك؛ لأنه لم يعتَضِدْ بالأصل، أعني في: نِعْمَت الرجلُ، بل هو خلاف اللفظ والأصلِ جميعًا.

وحجَّةُ الآخرين: أنه يُثنى ويُجمع، فلو كانت للجنس استغرقت جميعَ أفراده، ولو كانت للعهد الذِّهْني كانت لمعقول الماهِيَّةِ، وذلك شيء مفردٌ لا يَقبل تثنيةً ولا جمعًا.

رُدَّ بعدم صحة الملازمة، بدليل قوله (٣):

فَإِنَّ النَّارَ بِالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وَإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُهَا الكَلَامُ (٤)؛

أَلَا ترى أنه لا عهدَ في قوله: "العُودَيْنِ"، وقد ثَنَّاه؟

واختَلف كلٌّ من الفريقين، فقيل: جنسية حقيقية، وقيل: جنسية مجازًا، هذا خلافُ الأوَّلين، وقال الآخرون: المعهودُ ذِهْنيٌّ لا خارجيٌّ، وقيل: شَخْصيٌّ (٥).


(١) بيتان من مشطور الرجز. ينظر: النوادر لأبي زيد ٢٤٨، وكتاب الشعر ٢/ ٤٨٤، وأمالي ابن الشجري ١/ ٧٥، وخزانة الأدب ٦/ ١٣٥.
(٢) يوسف ٣٠.
(٣) هو نصر بن سيَّار.
(٤) بيت من الوافر. ينظر: الأمثال لأبي عبيد ١٥٣، والبيان والتبيين ١/ ١٥٨، وعيون الأخبار ١/ ٢١٠، والتذييل والتكميل ٣/ ٢٣٥، ١٠/ ٨٨.
(٥) الحاشية في: ٩١، ونقل ياسين في حاشية الألفية ١/ ٤٨٨، ٤٨٩، من قوله: «وقيل: إنها عهدية» إلى آخرها، ولم يعزها لابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>