للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنك (١) نَاعِلةٌ» (٢) إذا قلناه لمذكَّرٍ لا يُعتقد في مفرداته أنها تغيَّرت، بل هي كما كانت، والمعنى إذا خاطبت به المذكر: أنت عندنا بمنزلةِ مَنْ قيل فيه هذا.

ع: هذا المثل يُضرب للقويِّ على الأمر، وأصلُه: أن رجلًا كانت له أَمَتان راعيتان، إحداهما ناعِلةٌ، والأخرى حافِيةٌ، فقال للناعِلة: «أَطِرِّي؛ فإنك ناعِلةٌ»، أي: خُذِي طُرَرَ الوادي (٣)، فإنك ذاتُ نعلَيْن، ودَعِي وَسَطَ الوادي لصاحبتك؛ فإنها حافيةٌ.

اعلم أن [ابنَ] (٤) الحاجِّ لَمَّا ذكر أن "حبَّذا" بمنزلة: «أصري (٥)؛ إنك ناعِلةٌ» قال (٦): كتبتُ هذا، ثم ظهر لي فرقٌ بينهما، من جهة أن "حبَّذا" ليس كلامًا محكمًا كالأمثال؛ لأنه يَخُصُّ فيه كلُّ متكلمٍ ممدوحَه بالذكر، فالصوابُ أن يُعتقد أن "ذا" تنزَّلت منزلةَ "الشيء"، وأريد بها لإبهامها ما يُراد به، فكأنها بمنزلة "ما" في: نِعْمَ ما، فهي إذن تقع على كل شيءٍ، مذكرًا كان أو مؤنثًا، مثنًى أو مجموعًا، ولا يَفسُد اعتقادُ المخصوص بدلًا بلزم (٧) ولايتِه لها؛ لأنَّا نقول: صارت طريقةُ المدح ملتزمةً بهذا الكلام كالمثل، ولهذا لا يقال: زيدٌ حبَّذا، ولا بدَّ لمَنْ يقول: إن "حبَّذا" مبتدأ، و"زيدٌ" خبرٌ من هذا الجواب؛ لأنه لا يجيز التقديمَ والتأخيرَ.

ع: قد يكون الجواب أن "حبَّذا" في تأويل المعرفة، وأن "زيدًا" هو الخبر، وهو معرفة، إلا أن هذا الجواب لا يمشي في نحو:


(١) كذا في المخطوطة، والرواية في المصادر: فإنَّكِ.
(٢) مَثَلٌ سيأتي شرحه قريبًا. ينظر: الأمثال لأبي عبيد ١١٥، وجمهرة الأمثال ١/ ٥٠، وفصل المقال ١/ ١٦٩، ومجمع الأمثال ١/ ٤٣٠. وينظر: إصلاح المنطق ٢٠٧، والألفاظ ٦٠، وجمهرة اللغة ١/ ١٢٢، وتهذيب اللغة ١٣/ ٢٠٠.
(٣) هي نواحيه وجوانبه، كما في مصادر المثل.
(٤) ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، والسياق يقتضيه.
(٥) كذا في المخطوطة، والصواب ما تقدَّم: أَطِرِّي، أو: أَظِرِّي.
(٦) لم أقف على كلامه.
(٧) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: بلزوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>