للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْوِي إِلَى قُنَّةٍ خَلْقَاءَ رَاسِيَةٍ ... حُجْنُ المَخَالِبِ لَا يَغْتَالُهُ الشِّبَعُ (١)

وأجاز ابنُ مالكٍ (٢) على قياس ذلك: مررت برجلٍ حسنةٍ العينَ، كما يقال: حسنةٍ عينُه (٣).

* فائدةٌ جَلِيلةٌ تتعلَّق باتحاد المتواصفَيْن وتَخَالُفِهما: قال الزَّمَخْشَريُّ في "حم" السجدةِ (٤): كانوا لتَعَنُّتِهم يقولون: هلَّا أُنزل القرآن بلسانٍ أعجميٍّ؟ فقيل ما معناه: لو أنزلناه كما يقترحون لم يتركوا الاعتراضَ، وقالوا: لولا بُيِّنت آياته بلسانٍ نفقهُه، وقالوا: أقرآنٌ عجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ؟ أو: ومرسَلٌ إليه عربيٌّ؟

ثم استَشكل الزَّمَخْشَريُّ هذا الوجهَ؛ لأن العرب أمَّةٌ، فكيف يكون "العربي" وصفًا لهم؟

وأجاب بما نصُّه: قلت: هو على حدِّ قولك لو رأيت كتابًا عجميًّا كُتب لقومٍ عربٍ: أكتابٌ عجميٌّ ومكتوبٌ إليه عربيٌّ؟ وذلك لأن مَبْنى الإنكار على تنافُر الكتابِ والمكتوبِ إليه، لا على أن المكتوب إليه واحدٌ أو جماعةٌ، فوجب أن يُجرَّد لِمَا سِيق له من الغرض، ولا يوصَلَ به ما يحيلُ غرضًا آخرَ؛ أَلَا ترى أنك إذا رأيت لباسًا طويلًا على امرأة قصيرة قلت: اللباسُ طويلٌ واللابسُ قصيرٌ؟ ولو قلت: واللابسةُ قصيرةٌ؛ جئتَ بما


(١) البيت من البسيط. قُنَّة: صخرة في أعلى جبل، كما في: القاموس المحيط (ق ن ن) ٢/ ١٦١٠، وخَلْقاء: ملساء، وحُجْن: فيها اعوجاج، ويغتاله: يذهب بقوَّته. الشاهد: مطابقة الصفة السببية لفظًا لا تقديرًا "حُجْن" السببيَّ "المخالب" في الجمع، أي: حُجْنٌ مخالبه؛ إجراءً لها مُجرى الصفة السببية لفظًا وتقديرًا، والأصل: أَحْجَن المخالب. ينظر: الديوان بشرح ثعلب ١٧٤، وتهذيب اللغة ١/ ٢٦٩، ٨/ ١٦٩، والصحاح (غ ي ل) ٥/ ١٧٨٦، وشرح التسهيل ٣/ ١٠١، والتذييل والتكميل ١١/ ٤٣.
(٢) شرح التسهيل ٣/ ١٠١.
(٣) الحاشية في: ٩٩.
(٤) الكشاف ٤/ ٢٠٢، ٢٠٣ في تفسير قوله تعالى في سورة فصلت ٤٤: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>