للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعلم بما عابوا عليهم. فأَسْلِمْهم (١) إليهما لِيرُدّاهم إلى بلادهم وقومهم.

قالت (٢): فغضب النَّجاشيُّ، ثم قال: لاها الله إذَنْ لا أُسْلِمُهم إليهما و (لا أكاد - أقوام جاوروني) (٣) ونزلوا ببلادي واختاروني على مَنْ سواي- حتى أدعوهم فأسألهم عمَّا يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلَمْتُهُمْ إليهما وَرَددْتُهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك مَنَعْتُهم منهما، وأحْسَنْتُ جوارهم ما جَاوَرُوني.

قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسولِ الله فدعاهم، فلما جاءهم رسولُه اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما عَلِمْنَا، وما أَمَرَنَا به نبيُّنَا كائنًا في ذلك ما هو (٤) كائن، فلما جاؤوه -وقد دعا النَّجاشيُّ أسَاقِفَتَهُ فنشروا مصاحفهم حوله- سألهم فقال: ما هذا الدِّين الذي فارقْتُمْ فيه قومَكم ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من هذه الأُمم.

قالت: وكان الذي كلَّمَه جَعْفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيها الملك! كُنَّا قومًا أهلَ جاهليةٍ، نعبد الأصنامَ، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونُسِيءُ الجوار (٥)، يأكل القويُّ منَّا الضعيفَ، فكنَّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نَسَبَه وصِدْقَه وأمانته


(١) في "ج": "فسلِّمهم".
(٢) في "غ": "قال".
(٣) في السيرة لابن هشام: "ولا يُكاد قوم جاوروني".
(٤) في "ج، ب": "بما هو".
(٥) في "ج": "الجار".

<<  <  ج: ص:  >  >>