للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلًا يصلِّي (١) أرى أنَّه أفضلُ منه، ولا أزهدُ في الدنيا، ولا أرغبُ في الآخرة، ولا أدأبُ ليلًا ولا نهارًا منه، فأحببته حُبًّا لم أحبَّه شيئًا قبله (٢). فأقمت معه زمانًا ثم حضَرَتْهُ الوفاة، فقلت له: يا فلان؛ إنّي قد كنت معك وأحببتُك حُبًّا لم أحبَّه شيئًا قبلك، وقد حضرك (٣) من أمر الله ما ترى، فإلى مَنْ تُوصِي بي؟ وبِمَ تأمرني؟ فقال: أي بنيَّ والله ما أعلم أحدًا على ما كنت عليه، ولقد هلك الناس وبدَّلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلًا بالمَوْصِل، وهو فلانٌ، وهو على ما كنت عليه.

فلما مات وغُيِّب، لحقتُ بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان إنَّ فلانًا أوصاني عند موته أنْ ألْحَقَ بك، وأخبرني أنَّك على أمره، فقال: أقِم عندي، فأقمتُ عنده، فوجدتُه خيرَ رجلٍ على أمر صاحبه، فلما حَضرَتْه الوفاةُ، قلت له: يا فلان إنَّ فلانًا أوصى بي إليك وأمرني باللُّحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى مَنْ تُوصِي بي؟ وبِمَ تأمرني؟ قال: يا بنيَّ والله ما أعلم رجلًا على مثل ما كُنَّا عليه إلا رجلًا بنَصِيْبِيْن، وهو فلانٌ فألْحَقْ به.

فلما مات وغُيِّب لحقت بصاحب نَصِيْبِيْنِ، فأخبرته خبري وما أمَرَني به صاحبي، فقال: أقِمْ عندي، فأقمتُ عنده، فوجدتُه على أمر صاحبه، فأقمت مع خيرِ رجلٍ، فوالله ما لبث أن نزل به الموتُ، فلمَّا حُضِرَ قلت له: يا فلان إنَّ فلانًا أوصى بي إلى فلانٍ، ثم أوصى بي فلانٌ إليك، فإلى


(١) في "غ، ج": "لا يصلي الخمس … ".
(٢) في "غ": "قبل "وفي "ج": "قبلك".
(٣) ساقط من "ج". وفي "غ": "حضرتك".

<<  <  ج: ص:  >  >>