للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تُوصِي بي؟ وبِمَ تأمرني؟ فقال: يا بنيَّ! والله ما أعلمه بقي أحدٌ على أَمْرِنا آمرك أن تأتيَه إلا رجلًا (١) بِعَمُّورِيَّة من أرض الروم، فإنَّه على مثل ما نحن عليه، فإنْ أحْبَبْتَ فَأتِهِ.

فلما مات وغُيِّب لحقت بصاحب عَمُّوريَّة فأخبرتُه خبري، فقال: أقم عندي. فأقمتُ عند خيرِ رجلٍ على هَدْي أصحابه وأمْرِهِم، فاكتسبت حتى كانت لي بُقَيْرات (٢) وَغُنَيْمَة، ثم نزل به أمر الله، فلما حُضِر، قلت له: يا فلانُ إنّي كنت مع فلانٍ فأوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلانٌ إليك، فإلى من توصي بي؟ وبمَ تأمرني؟ قال: يا بنيَّ والله ما أعلمه أصبح على (مثل ما كُنَّا عليه) (٣) أحدٌ من الناس آمرك أن تأتِيَهُ، ولكنَّه قد أظلَّ زمان نبيٍّ مبعوثٍ بدينِ إبراهيمَ، يخرج بأرضِ العرب، مُهَاجَره (٤) إلى أرضٍ بين حَرَّتَيْنِ، بينهما نخل، به علاماتٌ لا تخفى؛ يأكل الهديَّة ولا يأكل الصدقة، بينَ كتفيه خاتَمُ النُّبوَّة، فإنِ استطعتَ أن تلحق بتلك البلادِ فافعلْ، ثم مات وغُيِّبَ.

فمكثتُ بعَمُّوريَّةَ ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نَفَرٌ مِنْ كَلْب تُجَّار، فقلت لهم: احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بُقَيْراتي هذه وغُنيْمَتي هذه؛ قالوا: نعم. فاعْطَيْتُهمُوها فحملُوني معهم، حتى إذا بلغوا وادي القُرَى ظلموني، فباعوني من رجل يهوديٍّ، فكنت عنده، فرأيتُ النَّخْلَ فرجوت أن يكون البلد الذي وَصَفَ لي صاحبي، ولم يَحِقَّ في نفسي،


(١) في "ب": "رجل".
(٢) في "ج": "بقيرات وعبد .. ".
(٣) في "غ": "مثل ما عليه".
(٤) في "ج": "مهاجرًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>