للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسألتُك: هل قَاتَلْتُمُوه؟ فزعمتَ أَنكم قاتلتموه فتكون الحربُ بينكم وبينه سِجَالًا، ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرُّسل تُبْتَلَى، ثم تكونُ لها العاقبةُ. وسأَلتُك: هل يَغْدِرُ؟ فزعمتَ أنه لا يَغْدِر، وكذلك الرُّسل لا تَغْدِرُ.

وسألتُك هل قال هذا القولَ أحدٌ (قبله؟ فزعمت أنْ لا، فقلتُ: لو قال هذا القولَ أحدٌ مِنْ) (١) قبله قلتُ: رجل ائتمَّ بقولٍ قيل قَبْلَه. ثم قال: فَبِمَ يأمرُكم؟ قلتُ: يأمرنا بالصَّلاةِ والزكاةِ والصِّلَة والعَفافِ. قال: إنْ يكَن ما تقولُ حَقًّا إنَّه لنبيٌّ، وقد كنتُ أعلم أنَّه خارجٌ، ولكن لم أكنْ أظنُّه منكم، ولو أعلم أنّي أخْلُصُ إليه لأَحْبَبْتُ لقاءَه (٢)، ولو كنتُ عنده لغَسَلْتُ عن قَدَمَيْهِ، ولَيَبْلُغَنَّ مُلْكُه ما تحتَ قَدَمَيَّ.

ثم دعا بكتاب رسولِ الله Object فقرأه، فإذا فيه: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمدٍ (رسول الله) (٣) إلى هِرَقْلَ عظيمِ الرُّوم، سلامٌ على من اتَّبَعَ الهدى. أما بعد؛ فإنِّي أدعوك بدِعَايةِ الإسلام، أسْلِمْ تَسْلَمْ، أَسلمْ يُؤْتِك الله أجرَك مرَّتَيْنِ، وإن تولَّيْتَ فإنَّ عليك إثم الأَرِيْسِيِّيْنَ" (٤)


(١) ساقط من "غ".
(٢) في "ج": "لقاه".
(٣) في "ج": "عبد الله ورسوله".
(٤) المراد بهم الفلاحون والزراع. ومعناه: إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك. وقيل: المراد بهم فرقة من النصارى هم أتباع "أريوس" المصري الذي نادى بالتوحيد والقول بأن عيسى Object نبيُّ الله وليس ابنًا له كما يزعم النصارى، وبقيت هذه الفرقة ظاهرة حتى حكمت المجامع النصرانية ضد أريوس، ثم غلبت عقيدة التثليث. انظر "شرح النووي على مسلم": (١٢/ ١٠٩ - ١١٠)، "مشكل الآثار" للطحاوي: (٥/ ٢٣١ - ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>