للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غنيِّهم فردَّها على فقيرهم.

قال: إنَّ هذا لَخُلُقٌ حَسَنٌ، وما الصَّدَقَةُ؟ فأخبرتُه بما فَرَضَ رسولُ الله من الصَّدَقاتِ في الأموال حتى انتهيتُ إلى الإبل، فقال: يا عمرو، ويُؤخَذُ من سَوَائِمِ مواشينا التي ترعى الشَّجر وتَرِدُ المياه؟

فقلت: نعم، فقال: والله ما أرى (قومي في) (١) بُعْدِ دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا، قال: فمكثتُ ببابه أيامًا وهو يَصِلُ إلى أخيه فيخبره كلَّ خبري.

ثم إنه دعاني يومًا، فدخلتُ عليه، فأخذ أعوانُه بِضَبُعيَّ، فقال: دَعُوه فأرسلْتُ، فذهبتُ لأجلِسَ فأبَوا أنْ يَدَعُوني أجلسُ، فنظرتُ إليه، فقال: تكلَّمْ بحاجتِكَ، فدفعتُ إليه الكتابَ مختومًا، ففضَّ خَاتَمَهُ، فقرأه (حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه) (٢) مِثْلَ قراءتِهِ إلا أنّي رأيتُ أخاه أرقَّ منه، ثم قال: ألَا تخبرني عن قريشٍ كيف صنعتْ؟ فقلتُ: اتَّبعوه؛ إمَّا راغِبٌ في الإسلام، وإما مقهور بالسيف، قال: ومن معه؟ قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام، واختاروه على غيره، وعَرَفوا بعقولهم -مع هدي الله إيَّاهم- أنَّهم كانوا في ضلالٍ، فما أعْلَمُ أحدًا بقي غَيْرَك في هذه الحَرَجَةِ، وإِنْ أنت لم تُسْلِمْ اليومَ وتَتَّبعْه يُوطِئْك الخيلَ، ويبيد خَضْرَاءَكَ، فأسْلِمْ تَسْلَمْ، ويَسْتَعْمِلْك على قومك ولا تدخلُ عليك الخيلُ والرِّجال. قال: دَعْنِي يومي هذا، وارجعْ إليَّ غدًا، فرجعتُ إلى أخيه فقال: يا عمرو، إنّي لأرجو أن يُسْلِمَ إن لم يضنَّ (٣) بملكه.


(١) ساقط من "غ".
(٢) ساقط من "ب" واستدركه في الهامش من نسخة أخرى.
(٣) في "غ": "يظن".

<<  <  ج: ص:  >  >>