للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا كان الغدُ أتيتُ إليه، فأبى أن يأذنَ لي، فانصرفتُ إلى أخيه، فأخبرتُه أنّي لم أَصِلْ إليه، فأوصلني إليه، فقال: إني فكَّرتُ فيما دعوتَنِي إليه، فإذا أنا أضْعَفُ العرب إنْ ملُّكْتُ رجلًا ما في يدي، وهو لا تَبْلغ خيلُه هاهنا، وإنْ بلغتْ خيلُه ألْفَتْ قتالًا ليس كقتال مَنْ لَاقى، قلتُ: وأنا خارجٌ غدًا.

فلما أيقن بمخرجي (١) خَلا به أخُوه فقال: ما نحنُ فيما قد ظهر عليه، وكلُّ مَنْ أرسل إليه قد أجابه، فأصبحَ فأرسلَ إليَّ فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعًا، وصدَّقا النبي ، وخلَّيا بيني وبين الصَّدقة وبين الحُكْمِ فيما بينَهم، وكانا لي عَوْنًا على من خَالَفَنِي (٢).

وكتب النبيُّ إلى هَوْذَةَ بنِ عليّ الحَنَفِيّ، صاحب اليَمَامَة: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمدٍ رسولِ الله إلى هَوْذَةَ بن عليٍّ، سلامٌ على مَنِ اتَّبَعَ الهدى، واعلَمْ أنَّ ديني سيظهرُ إلى مُنْتَهَى الخُفِّ والحافِرِ، فأسْلِمْ تَسْلَمْ أجعلْ (٣) لك ما تحتَ يَدِك".

وكان عنده أرْكُون دمشقَ -عظيمٌ من عظماء النَّصارى- فسأله عن النبي ؟ وقال: قد جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام. فقال له الأركون: لِمَ لا تجيبُهُ؟ فقال: ضَنِنْتُ بديني، وأنا مَلِكُ قومي، إن اتَّبعْتُهُ لم أَمْلِك، قال: بلى والله، لئن اتَّبعتَه (٤) لَيُمَلَكَنَّك، وإنَّ الخِيْرَةَ لك في


(١) في "ب": "بخروجي".
(٢) في "غ": "خالفه".
(٣) في "ج": "وأجعل".
(٤) في "غ": "ابتعته".

<<  <  ج: ص:  >  >>