للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيدي أهل الكتاب -كما سنذكرها- ويدلُّ عليه وجوه:

(الوجه الأول): أنَّ رسول الله كان أحرص الناس على تصديقه، واتِّباعِهِ، وإقامة الحجة على مَنْ خالفه وجَحَدَ نبوَّته، ولاسيما أهل العلم والكتاب، فإنَّ (١) الاستدلال عليهم بما يعلمون بطلانه قطعًا لا يفعله عاقل، وهو بمنزلة مَنْ يقول لرجلٍ (٢): علامةُ صِدْقي أنَّك فلانُ بن فلانٍ وصَنْعَتُك (٣) كيتَ وكيتَ، وتُعْرَفُ بِكَيْتَ وكيتَ، ولم يكن الأمر كذلك، بل بضدِّه.

فهذا لا يصدُر ممَّنْ له مُسْكَةُ عقلٍ، ولا يصدِّقه أحدٌ على ذلك، ولا يَتَّبعُه أحدٌ على ذلك، بل يَنْفِرُ العقلاء كلُّهم عن تصديقه واتِّباعِهِ. والعادةُ تُحِيْلُ سكوتَهم عن الطَّعن عليه والردِّ والتهجين لقوله.

ومن المعلوم بالضَّرورةِ: أنَّ محمدَ بنَ عبدِ الله -صلوات الله وسلامه عليه- نادى مُعْلِنًا في هاتين الأمَّتين اللَّتين هما أعلم الأمم في الأرض قبل مبعثه، بأنَّ ذِكْره ونَعْتَه وصفَته بعيِبه، عندهم في كتبهم، وهو يتلو ذلك عليهم ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجهارًا في كلِّ مجمع، وفي كلِّ نادٍ، يدعوهم بذلك إلى تصديقه والإيمانِ به؛ فمنهم من يصدِّق (٤) ويؤمن به، ويخبر بما في كتبهم من نعته وصفته وذكره كما سيمر بك إن شاء الله.

وغايةُ المكذِّب الجاحدِ أنْ يقولَ: هذا النَّعْتُ والوصفُ حقٌّ، ولكن لستَ أنت المراد به بل نبيٌّ آخر!


(١) في "غ": "وإن".
(٢) في "غ": "الرجل".
(٣) في "ب": "وصفتك".
(٤) في "غ": "يصدقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>