للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طمعوا أن يُدْخِلَهم الله فيهم (١).

والمقصود: أنَّ هؤلاء الذين عرفوا أنه رسول الله بالنَّعت الذي عندهم، فلم يملكوا أعينَهُم من البكاء وقلوبَهُم من المبادرة إلى الإيمان.

ونظيرُ هذا: قولُه -سبحانه-: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا* (١٠٩)[الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩].

قال إمامُ التفسير مُجَاهِدٌ: هم قومٌ من أهل الكتاب، لما سمعوا القرآنَ خَرُّوا سُجَّدَا وقالوا: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ (٢).

كان الله ﷿ وعد على ألسنة أنبيائه ورسله أَنْ يبعثَ في آخر الزمان نبيًّا عظيمَ الشأن، يَظْهرُ دِيْنُه على الدِّين كلِّه، وتنتشرُ دعوتُه في أقطار الأرض، وعلى رأسِ أمته تقومُ الساعةُ. وأهْلُ الكتابَيْنِ مجمعون على أنَّ الله وَعَدَهُم بهذا النبيِّ، فالسُّعداء منهم عرفوا الحقَّ فآمنوا به واتَّبعوه، والأشقياء قالوا: نحن ننتظره ولم يبعث بعد (رسولًا، فالسُّعداء) (٣) لَمَّا سمعوا القرآنَ من الرسولِ عَرَفُوا أنَّه النبي الموعودُ به، فخرُّوا سُجَّدًا لله، إِيمانًا به وبرسوله، وتصديقًا بوعده الذي أنجزه، فرأوه عِيَانًا فقالوا: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾.

وذكر يونُسُ بنُ بُكَيْر، عن سَلَمَةَ بن عبد يَسُوع، عن أبيه، عن جدِّه


(١) انظر: "تفسير البغوي": (١/ ٧٠٤).
(٢) انظر: "تفسير الطبري": (١٥/ ١٨١)، "زاد المسير": (٥/ ٩٧).
(٣) في "غ": "رسول الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>