للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-قال يونس: وكان نصرانيًّا فأسْلَمَ- أنَّ رسول الله كتب إلى أهل نَجْرَانَ: "بسم إله إِبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ، من محمَّدٍ النبيِّ رسولِ الله إلى أُسقفِّ نَجْرَانَ وأهلِ نجرانَ؛ سِلْمٌ أنتم، إنِّي أحمدُ إليكم إله إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ.

أما بعد: فإني أدعوكم إلى عِبَادةِ اللهِ مِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ، وأدْعُوكم إلى ولايةِ الله من ولايةِ العباد، فإنْ أَبَيْتُمْ فالجزيةُ، فإن أبيتم فقد آذَنْتُكُمْ بحربٍ من الله (١)، والسلام".

فلما أتى الأُسْقُفَّ الكتابُ فقرأه فَظِعَ به (٢)، وذعره ذُعْرًا شديدًا، فبعث إلى رجلٍ من أهل عُمَان (٣) يقال له: شُرَحْبِيْلُ بنُ وَدَاعَة، وكان من همدان، ولم يكن أحدٌ يُدعَى إلى مُغضِلَةٍ قَبْلَه؛ فدفع الأسقفُّ كتابَ رسولِ الله إلى شُرَحْبيْل فقرأه، فقال الأسقفُّ: ما رأيك يا أبا مريم، فقال شُرَحْبيْل (٤): قد عَلمتَ ما وعد الله إبراهيمَ في ذريَّة إسماعيل من النبوَّة، فماَ نأمن من أن يكون هذا هو ذاك الرَّجل، ليس لي في النبوة رأيٌ، لو كان أمرًا من الدنيا أشرتُ عليك فيه برأي، وجهدت لك. فقال الأسْقُف: تنحَّ فَاجْلِسْ، فتنحَّى فجلسَ ناحيةً.

فبعث الأسقف إلى رجلٍ من أهل نجران، يقال له: (عبد الله بنُ شُرَحْبِيل، وهو من ذي أَصْبَح من حِمْيَر، فأقرأه الكتابَ وسأله الرأيَ فيه، فقالَ لَه مِثْلَ قولِ شُرَحْبيل، فأمره الأُسقف فتنحَّى.


(١) من "ب".
(٢) في "ب": "قطع به".
(٣) في "زاد المعاد": "من أهل نجران".
(٤) في "ب، غ": "شرحيل". وهي كذلك فيما سيأتي من المواضع كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>