للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعث إلى رجلٍ من أهل نجرانَ) (١)، يقال له: جبار بن فيض، من بني الحارث بن كعب، فأقرأه الكتابَ وسأله عن الرأي فيه، فقال له مِثْلَ قولِ شرحبيل وعبدِ الله، فأمره الأُسقف فتنحَّى ناحيةً.

فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعًا أمر الأُسقفُّ بالنَّاقوس فَضُرِب به، ورُفِعَتِ المسُوحُ (٢) بالصَّوامع -وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار، وإذا كان فزعهم ليلًا ضرب بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع- فاجتمع أهل الوادي، أعلاه وأسفله وطوله مسيرةَ يومٍ للراكب السريع، وفيه ثلاثة وسبعون قريةً، وعشرون ومائة ألف مقاتل؛ فقرأ عليهم كتاب رسولِ الله ، وسألهم عن الرأي فيه، فاجتمع رأيُ أهلِ الرّأي منهم على أنْ يبعثوا شُرَحْبِيْلَ بن وداعةَ الهَمْدَانيّ، وعبدَ الله بنَ شرحبيل، وجبارَ بنَ فيضٍ، فيأتونه بخبرِ رسولِ الله .

فانطلق الوفد حتى إذا كانوا (٣) بالمدينة وضعوا ثياب السَّفر عنهم، ولبسوا حُلَلًا لهم يجرُّونها، مِنْ حِبَرَةٍ، وخواتيمَ الذهبِ، ثم انطلقوا حتى أتَوا رسول الله ، فسلَّموا عليه، فلم يردَّ عليهم السلام، وتصدَّوا لكلامه نهارًا طويلًا فلم يكلِّمهم وعليهم تلك الحُلَلُ والخواتيمُ الذهبُ فانطلقوا يبتغون عثمانَ بن عفَّان، وعبدَ الرَّحمنِ بن عوف، وكانا معرفةً لهم، كانا يبعثان العِيْرَ إلى نَجْرَانَ في الجاهليَّة فيشترى لهما من بُرِّها وتمرِها، فوجدوهما في ناسٍ من المهاجرين والأنصار في مجلسٍ، فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن، إنَّ نبيَّكم كتب إلينا بكتابٍ فأقْبَلْنا


(١) ساقط من "غ".
(٢) في "ب": "السرج" وفي "غ": "الشرج".
(٣) في "غ": "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>