للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢]. قال: ما يؤمنك أنْ لو أخبرتُك بها لكفرتَ (١)؟ يعني: لو أخبرتك بتفسيرها لكفرتَ بها، وكفرك بها تكذيبٌ بها.

فقال لهم المسيح: "إنَّ لي كلامًا كثيرًا أريد أنْ أقولَه لكم، ولكنَّكم لا تستطيعون حَمْلَه".

وهو الصادق المصدوق في هذا، ولهذا ليس في الإنجيل من صفات الله تعالي وصفات مَلَكُوتِه وصفاتِ اليوم الآخر إلا أمورٌ مُجْمَلَة، وكذلك التوراة؛ ليس فيها من ذِكْر اليوم الآخر إلا أمور مجملة، مع أنَّ موسي كان قد سهَّل الأمر للمسيح (٢). ومع هذا فقد قال لهم المسيح: "إنَّ لي كلامًا كثيرًا أريد أنْ أقولَه لكم ولكنكم لا تستطيعونَ حَمْلَه".

ثم قال: "ولكن إذا جاء روحُ الحقِّ فذاك الذي يُرْشِدُكم إلي جميع الحقِّ، وإنَّه يُخْبِرُكُم بكلِّ ما يأتي، وبجميع ما للربِّ" (٣).

فدل هذا علي أنَّ "الفارقليط" هو الذي يفعل هذا دون المسيح، وكذلك كان؛ فإنَّ محمدًا أرشد النَّاسَ إلي جميع الحقِّ حتي أكمل اللهُ به الدِّين وأتمَّ به النِّعمة، ولهذا كان خاتَمَ الأنبياءِ؛ فإنَّه لم يبق نبيٌّ يأتي بعده غيره، وأخبر محمد بكلِّ ما يأتي من أَشْراط الساعة والقيامة والحساب والصِّراط ووَزْنِ الأعمال، والجنَّةِ وأنواعِ نعيمها، والنَّار وأنواعِ عذابها.


(١) انظر: "تفسير الطبري": (٢٨/ ١٥٣)، "تفسير ابن كثير" (٤/ ٣٨٥).
(٢) في "ص": "الأرض للمسيح"، وفي "غ": "مهّد الأمر … ".
(٣) إنجيل يوحنا: (١٦/ ١٢ - ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>