للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيح، وهذا لا يكون إلا بشرًا رسولًا، بل يكون أعظمَ مِنَ المسيح؛ فإنَّ المسيح أخبر أنه يقدر علي ما لا يقدر عليه المسيح (١)، ويعلم ما لا يعلَمُه المسيح، ويخبر بكلِّ ما يأتي وبما يستحقُّه الربُّ، حيث قال: "إنَّ لي كلامًا كثيرًا أريد أن أقوله، ولكنكم لا تستطيعونَ حَمْلَهُ، ولكن إذا جاء روح الحقِّ، ذاك الذي يرشدكم إلي جميع الحق، لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلَّم بما يسمع، ويخبركم بكلِّ ما يأتي، ويعرِّفُكُمْ جميعَ ما للأب" (٢).

فلا يستريبُ عاقلٌ أن هذه الصفات لا تنطبقُ إلا علي محمدٍ ، وذلك لأنَّ الإخبار عن الله بما هو مُتَّصِفٌ به من الصفات، وعن ملائكته، وعن مَلَكُوتِه، وعمَّا أعدَّه في الجنة لأوليائه وفي النار لأعدائه: أمرٌ لا تحتمل عقولُ أكثرِ النَّاس معرفتَهُ علي التفصيل.

قال عليٌّ : حَدِّثوا النَّاسَ بما يعرفون، ودَعُوا ما يُنْكِرُونَ، أتريدونَ أن يكذب اللهُ ورسولُه (٣).

وقال ابن مسعود: ما مِنْ رجل يحدِّث قومًا بحديثٍ لا تبلُغُه عقولُهم إلا كان فتنةً لبعضهم (٤).

وسأل رجلٌ ابنَ عباسٍ عن قوله تعالي: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ


(١) هنا ينتهي السقط في "غ".
(٢) إنجيل يوحنا: (١٦/ ١٢ - ١٥).
(٣) أخرجه البخاري في العلم، باب من خصَّ بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا: (١/ ٢٥٥) دون قولها "وما ينكرون"، وهي عند الخطيب في "الجامع": (٢/ ١٠٨).
(٤) أخرجه مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع: (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>