للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: فإنَّه أخبر أنَّ هذا الفارقليط الذي أَخبر به، يشهد له ويعلِّمهم كلَّ شيء وأنه يذكر لهم كلَّ ما قال المسيح، وأنه يوبِّخ العالَم علي خطيئته فقال: "والفارقليط الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلت لكم"، وقال: "إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله هو يشهد أني قلت لكم هذا حتي إذا كان تؤمنوا به، ولا تشكُّوا فيه".

وقال: "إنَّ خيرًا لكم أنْ أنطلِقَ إلي أبي، إن لمِ أذهب لم يأتكم الفارقليط، فإن انطلقتُ أرسلتُهُ إليكم، فهو يوبِّخ العالم علي الخطيئة، فإنَّ لي كلامًا كثيرًا أُريد أنْ أقول لكم ولكنكم لا تستطيعون حَمْلَه، لكن إذا جاء روح الحقِّ ذاك الذي يرشدكم إلي جميع الحق، لأنه ليس ينطق من عند نفسه بل يتكلَّم بما يسمع ويخبركم بكلِّ ما يأتي ويعرِّفكم جميعَ ما للأب" (١).

فهذه الصِّفاتُ والنُّعوتُ التي تَلقَّوها عن المسيح لا تنطبق علي أمرٍ معنويٍّ في قلب بعض الناس لا يراه أحدٌ ولا يسمع كلامه، وإنما تنطبق علي مَنْ يراه الناس ويسمعون كلامه، فيشهد للمسيح، ويعلِّمهم كلَّ شيء، ويذكِّرهم كل ما قال لهم المسيح، ويوبِّخ العالَم علي الخطيئة، ويرشد الناس إلي جميع الحقِّ، ولا يَنْطِقُ مِنْ عنده، بل يتكلَّم بما يَسْمعُ، ويخبرهم بكلِّ ما يأتي، ويعرِّفهم جميعَ ما لربِّ العالمين.

وهذا لا يكون مَلَكًا لا يراه أحدٌ ولا يكون هدي وعِلْمًا في قلب بعض الناس، ولا يكون إلا إنسانًا عظيم القَدْر يخاطب بما أخبر به


(١) العهد الجديد، إنجيل يوحنا: (١٦/ ٧ - ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>