للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥١ - ١٥٣].

ووصاياه هي عهودُه إلى الأمة بتقوى الله وعبادته وحده لا شريك له، والتمسُّكِ بما بعثه الله به من الهدى ودين الحق، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه.

وقوله: "ولا تسمع صوته" يعني ليس بصخَّاب له فديد (١) كحال من ليس له حِلْم ولا وَقَارٌ.

وقوله: "يفتح العيونَ العُمْيَ والآذان الصُّمَّ والقلوب الغُلْفَ" إشارة إلى تكميل مراتب العلم والهدى الحاصل بدعوته في القلوب والأبصار والأسماع، فباينوا بذلك أحوال الصُّمِّ البُكْمِ العُمْي الذين لهم قلوب لا يعقلون بها، فإنَّ الهدى يصل إلى العبد من هذه الأبواب الثلاثة، وهي مغلقة عن كل أحد لا تفتح إلا على أيدي الرسِل، ففتح الله بمحمد الأعْيُنَ العُمْيَ فأبصرتْ بالله، والآذانَ الصُّمَّ فسَمِعتْ عن الله، والقلوبَ الغُلْفَ فعقلتْ عن الله، فانقادت لطاعته عقلًا وقولًا وعملًا، وسلكتْ سبل مرضاته ذُللًا.

وقوله: "وما أعطيه فلا أعطي غيره" مطابق لقوله : "أُعطِيْتُ ما لم يُعْطَ أحدٌ من الأنبياء قبلي" (٢) ويقول الملائكة لَمَّا ضربوا له المثل: "لقد أُعطي هذا النبيُّ ما لم يعط نبيٌّ قبله؛ إنَّ عَيْنَيْهِ تَنامَانِ وقَلْبُه يَقْظَانُ" (٣).


(١) فديد: صوت شديد وجَلَبَة.
(٢) أخرجه البخاري في التيمم: (١/ ٤٣٦)، ومسلم في المساجد: (١/ ٣٧٠ - ٣٧١).
(٣) أخرجه الترمذي في الأمثال؛ باب ما جاء في مثل الله ﷿ لعباده: (٨/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>