للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك أنه بُعث إلى الخلق عامة، وخُتم به ديوان الأنبياء، وأنزل عليه القرآن الذي لمَ ينزل من السماء كتاب يشبهه ولا يقاربه، وأنزل على قلبه محفوظًا متلوًّا، وضمن له حفظه إلى أن يأتي الله بأمره، وأُوتي جوامع الكلم، ونُصر بالرُّعْب في قلوب أعدائه وبينهما مسيرة شهر، وجُعلَت صفوف أمتَه في الصلاة على مثال صفوف الملائكة في السماء، وجُعَلَت الأرض له ولأمته مسجدًا وطهورًا، وأسْرِي به إلى أن جاوز السمَاوات السبع ورأى ما لم يَرَهُ بشرٌ قبله، ورُفع على سائر النبيين، وجُعل سيدَ ولد آدم، وانتشرت دعوته في مشارق الأرض ومغاربها، واتَّبعَه على دينه أتباعٌ أكثر من أتباع سائر النبيِّين من عهد نوح إلى المسيح، فأمَّتُه ثلثا أهل الجنة، وخصه بالوسيلة، وهي أعلى درجة في الجنة، وبالمقام المحمود الذي يَغْبطه به الأولون والآخرون، وبالشفاعة العظمى التي يتأخر عنها آدم ونوح وَإبراهيم وموسى وعيسى، وأعزَّ الله به الحقَّ وأهله عزًّا لم يُعزَّه بأحدٍ قبلَه (١). وأذلَّ به الباطل وحزبه ذلاًّ لم يحصل بأحدٍ قَبله.

وآتاه من العلم والشجاعة والصبر (٢)، والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة والعبادات القلبية والمعارف الإلهية ما لم يُؤْتَهُ نبيٌّ قبله، وجُعِلت الحسنة منه ومن أمته بعشر أمثالها (٣) إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف


= ١٥٦ - ١٥٨) وقال: "حديث حسن غريب من هذا الوجه". والدارمي في المقدمة: (١/ ٧)، والإمام أحمد: (١/ ٣٩٩).
(١) هذه الجملة من الخصائص والفضائل وردت بها أحاديث صحيحة كثيرة.
(٢) في "غ": "والصبر والسماحة"، وفي "ج": "السماحة والزهد".
(٣) في "د": "حسنات مثلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>