للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، وتجاوز له عن أمته الخطأ والنسيان وما استكْرِهوا عليه، وصلَّى عليه هو وجميع ملائكته -عليهم صلوات الله وسلامه- وأمر عبادَه المؤمنين كلَّهم أن يُصلُّوا عليه ويُسلِّموا تسليمًا.

وقرن اسمه باسمه فإذا ذُكِر الله ذُكر معه؛ كما في الخُطبة والتشهُّد والأذان، فلا يصحُّ لأحد أذانٌ ولا خطَبة ولا صلاة حتى يشهد أنه عبده ورسوله، ولم يجعل لأحد معه أمرًا يُطاع لا ممن قبله، ولا ممن هو كائن بعده إلى أن تطوى الدنيا ومَنْ عليها، وأغلق أبوابَ الجنَّة إلا عمَّن سلك خَلفَه واقتدى به، وجعل لواء الحمد بيده؛ فآدمُ وجميع الأنبياء تحت لوائه يوم القيامة، وجعله أولَ من تنشقُّ عنه الأرض، وأولَ شافع، وأول مشفع، وأول من يَقْرَعُ باب الجنَّة، وأولَ من يدخلُها، فلا يدخلها أحدٌ من الأولين والآخرين إلا بشفاعته.

وأُعطي من اليقين والإيمان والصبر والثبات والقوة في أمر الله والعزيمة على تنفيذ أوامره، والرضى عنه والشكر له، والقنوع في مرضاته وطاعته ظاهرًا وباطنًا سرًّا وعلانيةً، في نفسه وفي الخلق = ما لم يُعْطه نبي قَبْله (١). ومن عرف أحوال العالم وسيَر الأنبياء وأممهم تبيَّن له أنَّ الأمر فوق ذلك، فإذا كان يومُ القيامة ظهرَ للخلائق (٢) منَ ذلك ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطر على قلب بشرٍ أنّه يكون أبدًا.

وقوله: "ولا يَضْعُف ولا يُغلب" هكذا كان حاله -صلوات الله وسلامه عليه- ما ضعف في ذات الله قط، ولا في حال انفراده وقلَّة أتباعه


(١) في "غ": "غيره".
(٢) في "ج": "للخلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>