للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الضمة، قال: ولا يشك العلماءُ منهم بأنه محمد (وإن سكتنا عن إيراد ذلك) (١).

وإذا ضربنا عن هذا صَفْحًا، فمن هذا الذي انطبقتْ عليه وعلى أمته هذه الصفاتُ سواه؟! ومن هذا الذي أثرُ سلطانِه -وهو خاتم النبوة- على كتفيه رآه الناس عَيانًا مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ؟! فماذا بعد الحق إلا الضلال، وبعد البصيرة إلا العمى؟! ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠].

فصفاتُ هذا النبيِّ ومَخْرَجُه ومبعثُه وعلاماتُه وصفاتُ أمتِه في كتبهم يقرؤونها في كنائسهم ويدرسونها في مجالسهم، لا ينكرها منهم عَالِمٌ ولا يأباها جاهل، ولكنَّهم يقولون: لم يظهر بَعْدُ، وسيظهر ونَتَّبِعُه.

قال ابن إسحاق: حدَّثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، وعن (٢) سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ: أنَّ يهودًا كانوا يَسْتَفْتِحُونَ على الأوْس والخَزْرجَ برسول الله قبل مَبْعثِه، فلما بعثَه الله من العرب، كفرُوا به وجحدوا ما كانوا يقولونه فيه، فقال مُعَاذُ بن جَبَلٍ، وبشْرُ بنُ البَرَاءِ بنِ مَعْرُورٍ (ودَاود بنُ سَلَمَة) (٣): يا مَعْشَر يَهُود: اتقوا الله وَأسْلِموا فقد كنتم تَسْتفتحون علينا بمحمدٍ ونحن أهلُ شركٍ، وتُخْبِرُونا بأنه نبيٌّ مبعوث، وتَصِفُونه بصفته، فقال سَلام بن مِشْكم أخو (٤) بني النَّضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكره لكم. فأنزل الله ﷿: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا


(١) في "غ": "وضربنا" وفي "د": "وإن سكتنا عن ذلك وضربنا".
(٢) في "السيرة النبوية": "أو عن … ".
(٣) في "السيرة": "وأخو بني سلمة".
(٤) في "السيرة": "أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>