للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩].

وقال أبو العالية: كان اليهود إذا استنصروا بمحمد على مشركي العرب يقولون: اللهمَّ ابعثْ هذا النبيَّ الذي نجده مكتوبًا عندنا حتى يعذّب المشركين ويَقْتُلهم، فلما بعثَ اللهُ محمدًا ورأوا أنَّه مِنْ غيرهم كفروا به (حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات (١): ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة/ ٨٩] (٢).

وقال ابن إسحاق: حدَّثني عاصمُ بنُ عُمَرَ بنِ قتادةَ الأنصاريُّ، عن رجال من قومه، قالوا: ومما دعانا إلى الإِسلام -مع رحمة الله وهداه- ما كنّا نَسْمع من رجال اليهود -وكنا أهل شرك أصحاب أوثان- وكانوا أهلَ كتابٍ عندهمِ عِلْمٌ ليس عندنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نِلْنَا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: قد تقارب زمانُ نبيٍّ يُبْعَثُ الآن نتبعه فنقتلكم معه (٣) قَتْلَ عادٍ وإِرَم، فكنا كثيرًا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسولَه أَجَبْنَاه حين دعانا إلى الله، وعَرَفنا ما كانوا يتوعَّدُونا به، فبادرناهم إليه فآمنَّا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزلت هذه الآيات التي في البقرة: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩] (٤).


(١) أخرجه ابن إسحاق في "السيرة": (١/ ٥٤٧).
(٢) ساقط من "غ".
(٣) في "ج": "ونحن معه".
(٤) أخرجه ابن إسحاق في السيرة، "سيرة ابن هشام": (١/ ٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>