للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله به الرسالات، فإن النتيجة المنطقية اللازمة لهذا الكمال ولتمام النعمة أن تنقطع صلة الإنسانية عن سائر الرسالات والنبوات السابقة في طاعتها واتباعها، مع الإيمان بأصولها المنزلة - لا بما آلت إليه بعد التحريف على يد الأتباع.

فكل ما جاء به الأنبياء السابقون وعرضوه على الإنسانية ودَعَوْها إلى اتّباعه، قد نُسخ برسالة محمد ، وما من شك أن الإيمان بنبوتهم وصدق دعوتهم على وجه الإجمال لازم لابد منه، إذ ما كانوا إلا دعاة إلى الإسلام، وما التصديق بدعوتهم إلا تصديق بالإسلام، ولكن مع ذلك انقطعت بهم صلة الإنسانية في طاعتها واتباعها فعلًا، وإنما ارتبطت برسالة محمد وتعليمه وأسوته الحسنة؛ لأن الذي يقتضيه المبدأ:

أولًا: أن لا تعود الإنسانية بحاجة إلى المنسوخ بعد أن جاءها الكامل.

وثانيًا: أنه قد لعبت يد التحريف والإهمال بسيرة وتعاليم الأنبياء السابقين (١) مما لم يعد من الممكن، لأجله، أن تتبعهم الإنسانية فعلًا.

ومن هنا، فإن القرآن الكريم حيثما يأمر بطاعة الرسول واتباع أحكامه وأوامره، لا يأتي بكلمة "الرسول" و"النبي" إلا معرّفتين بالألف


(١) اقرأ -إن شئت- "إظهار الحق" للشيخ رحمة الله العثماني ٢٠٧ - ٢٩٨، "الرسالة الخالدة" للسيد سليمان الندوي ٤١ - ٦٨، "المسيح في مصادر العقائد المسيحية" للمهندس أحمد عبد الوهاب ٧٧ وما بعدها، "محاضرات في النصرانية" للشيخ محمد أبي زهرة ٧٧ وما بعدها، "الجواب الصحيح" لابن تيمية (١/ ٣٦٢ وما بعدها و ٢/ ٣ - ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>