للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يألف اليهود ويسائلُهم عن الدِّين (١) ويخبرونه بصفة رسول الله ، وأنَّ هذه دار هجرته، ثم خرج إلى يهود تيماء فأخبروه بمثل ذلك، ثم خرج إلى الشام فسأل النصارى فأخبروه بصفةِ رسول الله ، وأنَّ مهاجره يثرب، فرجع أبو عامر وهو يقول: أنا على دين الحنيفية، وأقام مترهبًا ولبس المسوح، وزعم أنه على دين إبراهيم وأنه ينتظر خروج النبيِّ. فلما ظهر رسول الله بمكة لم يخرج إليه وأقام على ما كان عليه، فلما قدم النبي المدينةَ حَسَدَه وبغى ونافق، وأتى النبي فقال: يا محمد: بم بُعِثْتَ؟ قال: "بالحنيفيَّة" قال: أنت تخلطها بغيرها؟ فقال النبيُّ : "أتيتُ بها بيضاءَ، أين ما كان يخبرك الأحبارُ من اليهود والنصارى من صفتي"؟ فقال: لستَ الذي وَصَفُوا، فقال النبيُّ : ("كذبتَ" فقال: ما كذبتُ، فقال رسول الله ) (٢): "الكاذبُ أماته الله وحيدًا طريدًا" قال: آمين. ثم رجع إلى مكة وكان مع قريشٍ يتبع دينهم، وترك ما كان عليه، فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام فمات بها طريدًا غريبًا وحيدًا (٣).

وقال الواقديُّ: حدَّثني محمد بن سَعْدِ الثقفيُّ وعبد الرحمن بن عبد العزيز في جماعةٍ، كل حدَّثني بطائفة من الحديث، عن المغيرةِ بنِ شُعْبَةَ أنه دخل على المُقَوْقِس وأنِّه قال له: إنَّ محمدًا نبيٌّ مُرْسَل، ولو أصاب القبطُ والرّومُ اتَّبَعُوه.

قال المغيرة: فأقمتُ بالإسكندرية لا أدع كنيسةً إلا دخلتُها وسألت


(١) في "غ، ص": "اليهود ودينهم".
(٢) ما بين القوسين ساقط من "د".
(٣) أخرج القصة: أبو نعيم في "الدلائل": ص (٤١ - ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>