للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث معنا رسولًا إلى الملك، فخرجْنَا حتى إذا كنا قريبًا من المدينة قال لنا الذي معنا: إنَّ دوابَّكم هذه لا تدخل مدينة المَلِك، فإن (١) شئتم حملناكم على بَرَاذِيْنَ وبِغَالٍ، قلنا: والله لا ندخل إلا عليها، فأرسَلُوا إلى الملك أنهم يأْبَوْنَ (٢). فدخلنا على رواحلنا متقلِّدين سيوفنا حتى انتهينا إلى غرفةٍ له، فأَنَخنَا في أصلها، وهو ينظر إلينا، فقلنا: "لا إله إلا الله، والله أكبر". والله يعلم لقد انتفضت (٣) الغرفة حتى (صارت كأنها) (٤) عِذْقٌ تَصْفِقُه الرياح، فأرسل إلينا: ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم.

وأرسل إلينا أنِ ادخلوا، فدخلنا عليه وهو على فراشٍ له، وعنده بطارقته (٥) من الروم، وكل شيء في مجلسه أحمر، وما حوله حمرة، وعليه ثياب من الحمرة. فدنونا منه فضحك، وقال: ما كان عليكم لو حَيَّيْتُموني بتحيتكم فيما بينكم؟ وإذا رجل فصيح بالعربية كثير الكلام. فقلنا: إنَّ تحيتنا فيما بيننا لا تحلُّ لك، وتحيتك التي تُحَيَّا بها لا يحلُّ لنا أن نحيِّيك بها. قال: كيف تحيتكم فيما بينكم؟ فقلنا: السلام عليكم. قال: كيف تحيُّون مَلِكَكم؟ قلنا: بها. قال: كيف يردُّ عليكم؟ قلنا: بها، قال: فما أعظم كلامكم؟ قلنا: "لا إله إلا الله والله أكبر" فلما تكلمنا بها -والله يعلم- لقد انتفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها. قال: فهذه الكلمة التي قلتموها حيث انتفضتِ الغرفةُ، كلَّما قلتموها في بيوتكم تنتفض عليكم بيوتكم؟ قلنا: لا، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك.


(١) في "غ، ص" زيادة: "فخرجنا حتى إذا قربنا من المدينة قال: إن … ".
(٢) في "د": "يأتون".
(٣) في "ابن كثير": "تنفّضت".
(٤) في "غ، ص": "صار لها كأنه".
(٥) في "غ": "بتاركته".

<<  <  ج: ص:  >  >>