للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواهم، فالأئمة الهارونيون هم الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها فقتلهم بُخْتَنَصَّر على دم واحد، وأحرق هيكلهم يوم استولى على بيت المقدس، ولم تكن التوراةُ محفوظةً على ألسنتهم، بل كان كلُّ واحدٍ من الهارونيين يحفظ (فصلًا من) (١) التوراة.

فلما رأى عُزَيْرٌ أنَّ القوم قد أُحْرِق هيكلُهم وزالتْ دولتُهم وتفرَّق جَمْعُهم ورُفِع كتابُهم، جَمَعَ من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظُها الكهنةُ ما لفَّق منه هذه التوراة التي بأيديهم، ولذلك بالغوا في تعظيم عُزَيْر (٢) غايةَ المبالغة، وقالوا فيه ما حكاه الله عنهم في كتابه، وزعموا أنَّ النور على الأرض إلى الآن يظهر على قبره عند بطائح العراق، لأنه عَمِلَ لهم كتابًا يحفظ دينهم.

فهذه التوراة التي بأيديهم -على الحقيقة- كتابُ عُزَيْر، وإن كان فيها أو أكثرها من التوراة التي أنزلها الله على موسى.

قال: وهذا يدل على أنَّ الذي جمع هذه الفصول التي بأيديهم رجلٌ جاهل بصفات الربِّ تعالى، وما ينبغي له، وما لا يجوز عليه؛ فلذلك نسب إلى الربِّ تعالى ما يتقدّس ويتنزَّه عنه (٣).

وهذا الرجل يُعْرَفُ عند اليهود والنصاري بعَازَر الورَّاق، ويظنُّ بعض الناس أنه الذي: ﴿مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي


(١) في "ص، غ": "فضلًا عن".
(٢) في "غ، ص": "عزرا".
(٣) انتهى ما نقله المصنف عن "بذل المجهود" للسموأل من ص (١٢٥ - ١٣٤) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>