للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَرَيَا المسيح أصلًا، وهما: مَرْقُس ولُوقَا، واثنان رأياه واجتمعا به، وهما مَتَّى ويُوحَنَّا، وكل منهم يزيد وينقص ويخالف إنجيلُه (إنجيلَ أصحابه) (١) في أشياء، وفيها ذِكْرُ القولِ ونقيضِه.

ففيه أنه قال: "إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة، ولكن غيري يشهد لي" (٢).

وقال في موضع آخر: "إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأني أعلم من أين جئتُ وإلى أين أذهب" (٣).

وفيه أنه لما استشعر بوثوب اليهود عليه قال: "قد جَزِعَتْ نفسي الآن فماذا أقول؟! يا أبتاه سَلِّمني من هذا الوقت" (٤). وأنه لما رفع على خشبة الصلب صاح صياحًا عظيمًا وقال: "يا إلهي! لِمَ أَسْلَمْتَنِي" (٥)؟!

فكيف يجتمع هذا مع قولكم: إنه هو الذي اختار إسلام نفسه إلى اليهود ليصلبوه ويقتلوه رحمةً منه بعباده حتى فداهم بنفسه من الخطايا، وأخرج بذلك آدم ونوحًا وإبراهيم وموسى وجميع الأنبياء من جهنم بالحيلة التي دبَّرها على إبليس؟

وكيف يجزع إله العالم من ذلك؟ وكيف يسأل السلامة منه وهو الذي اختاره ورضيه؟! وكيف يشتد صياحه ويقول: "يا إلهي لِمَ


(١) ساقط من "غ، ص".
(٢) يوحنا: (٥/ ٣١ - ٣٢).
(٣) يوحنا: (٨/ ١٤ - ١٥).
(٤) إنجيل متى: (٢٦/ ٣٧ - ٣٨).
(٥) إنجيل متى: (٢٧/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>