للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وأعداؤه الأدْنَون (١) إليه أفصحُ الخَلْق، وهم أهل البلاغة والفصاحة واللَّسن والنظمِ والنثر والخُطَب وأنواع الكلام، فما منهم من فاه في معارضته ببنت شَفة، وكانوا أحرص الناس على تكذيبه وأشدَّهم أذى له بالقول والفعل والتنفير عنه بكل طريق، فما نُقِل (٢) عن أحد منهم سورة واحدة عارَضَهُ بها؛ إلا مسيلمة الكذاب بمثل قوله: يا ضفدع بنت ضفدعين، نقِّي كم تنِقّين، لا الشاربَ تمنعين، ولا الماء تكدِّرين. ومثل: والطَّاحنات طَحْنًا، والعاجنات عجنًا، فالخابزات خبزًا، إهَالَةً وسَمْنًا. وأمثال هذه الألفاظ التي هي بألفاظ أهل الجنون والمعتوهين أشبه منها بألفاظ العقلاء.

فالمسلمون إنما بَنَوا أساس دينهم ومعالم حلالهم وحرامهم على الكتاب الذي لم ينزل من السماء كتابٌ أعظمُ منه، فيه بيان كلِّ شيء وتفصيلُ كلِّ شيء وهدًى ورحمة وشفاء لما في الصدور، به هدى الله رسولَه وأمته فهو أساس دينهم.

(الثاني) أنَّ قولكم: إنَّ المسلمين بَنَوا أساس دينهم على رواية عوامٍّ من الصحابة = من أعظم البَهْت وأفحش الكذب؛ فإنَّهم وإنْ كانوا أُميِّين (٣)، فمذ بعث الله فيهم رسوله زكَّاهم وعلَّمهم الكتاب والحكمة، وفضَّلهم في العلم والعمل والهدى والمعارف الإلهية والعلوم النافعة المكمِّلة للنفوس على جميع الأمم، فلم تَبْق (٤) أمَّةٌ من الأمم تُدَانيهم في


(١) في "ب": "الأذلون".
(٢) في "ب، غ، ص": "يقرّ"، وفي "ب": "نفر".
(٣) في "د": "أمنين".
(٤) في "غ، ص": "يبق".

<<  <  ج: ص:  >  >>